الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

قوله تعالى : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الملك }[ النساء :53 ] .

عُرْفُ ( أَمْ ) أنْ تُعْطَفَ بعد استفهامٍ متقدِّم ، كقولك : أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو ؟ فَإذا وردَتْ ، ولم يتقدَّمها استفهامٌ ، كما هي هنا ، فمذهب سيبَوَيْهِ ، أنَّها مضمَّنةٌ معنى الإضراب عن الكلامِ الأوَّلِ ، والقَطْع منه ، وهي متضمِّنة مع ذلك مَعْنَى الاِستفهام ، فهي بمعنى «بَلْ » مع همزةِ استفهامٍ ، كقول العربِ : «إنها لإِبِلٌ أَمْ شَاءٌ » ، التقدير عند سيبويه : إنَّهَا لإِبِلٌ بَلْ أَهِيَ شَاءٌ ؟ وَكَذَلك هذا الموضعُ : بَلْ أَلهُمْ نَصِيبٌ مِنَ المُلْكِ ، فإذا عرفْتَ هذا ، فالمعنى على الأرجَحِ الذي هو مذْهَبُ سيبَوَيْهِ والحُذَّاقِ : أنَّ هذا استفهامٌ على معنى الإِنكار ، أي : ألهم مُلْكٌ ؟ فإذن لَوْ كان ، لَبَخِلُوا به ، والنَّقِيرُ : هي النُّكْتَةُ التي في ظَهْر النَّوَاة من التَّمْر ، هذا قول الجمهور ، وهَذَا كنايةٌ عن الغايَةِ في الحَقَارة والقِلَّة ، وتُكْتَبُ «إذَنْ » بالنُّون وبالألِفِ ، فالنُّونُ هو الأصْلُ ، كعَنْ ، وَمِنْ ، وجاز كتبها بالألِفِ ، لصحَّة الوقوفِ عليها ، فأشبهَتْ نونَ التَّنْوينِ ، ولا يصحُّ الوقوف على عَنْ ومِنْ .