فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

{ أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يأتون الناس نقيرا ( 53 ) أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ( 54 ) فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا ( 55 ) }

{ أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا } أم منقطعة والاستفهام للإنكار يعني ليس من الملك ، والفاء للسببية الجزائية لشرط محذوف أي إن جعل لهم نصيب فإذن لا يعطون نقيرا منه لشدة بخلهم وقوة حسدهم .

وهذا ذم لهم بالبخل بعد أن ذمهم بالجهل ، لعدم جريهم على مقتضى العلم ، وسيأتي ذمهم بالحسد ، والأول قوة عملية والثاني علمية ، والأول مقدم كما بينه الفخر ، وقيل المعنى بل لهم نصيب من الملك على أن معنى أم الإضراب عن الأول والاستئناف للثاني ، وقيل التقدير أهم أولى بالنبوة ممن أرسلته أم لهم نصيب الآية .

والنقير النقطة والنقرة في ظهر النواة ، وقيل ما نقر الرجل بأصبعه كما ينقر الأرض ، والنقير أيضا خشبة تنقر وينبذ فيها .

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النقير كما ثبت في الصحيحين وغيرهما ، والنقير الأصل يقال فلان كريم النقير أي كريم الأصل ، والمراد هنا المعنى الأول والمقصود به المبالغة في الحقارة كالقطمير والفتيل ، والنقير يضرب به المثل في الشيء الحقير التافه الذي لا قيمة له ، وفي القلة والحقارة .

وإذن هنا ملغاة غير عاملة لدخول فاء العطف عليها ، ولو نصب جاز قال سيبوية : إذن في عوامل الأفعال بمنزلة أظن في عوامل الأسماء التي تلغى إذا لم يكن الكلام معتمدا عليها ، فإن كانت في أول الكلام وكان الذي بعدها مستقبلا نصبت .