معاني القرآن للفراء - الفراء  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

وقوله : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ الناسَ نَقِيراً . . . }

النقير : النقطة في ظهر النواة . و( إذاً ) إذا استؤنف بها الكلام نصبت الفعل الذي في أوله الياء أو التاء أو النون أو الألف ؛ فيقال : إذا أضربك ، إذاً أَجْزيَك . فإذا كان فيها فاء أو واو أو ثمّ أو ( أو ) حرف من حروف النسق ، فإن شئت كان معناهما معنى الاستئناف فنصبت بها أيضاً . وإن شئت جعلت الفاء أو الواو إذا كانتا منها منقولتين عنها إلى غيرها . والمعنى في قوله { فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ } على : فلا يؤتون الناس نقيرا إِذاً . ويدلك على ذلك أنه في المعنى - والله أعلم - جواب لجزاء مضمر ، كأنك قلت : ولئن كان لهم ، أو ولو كان لهم نصيب لا يؤتون الناس إذا نقيرا . وهي في قراءة عبد الله منصوبة { فإذا لا يؤتوا الناس نقيرا } وإذا رأيت الكلام تاما مثل قولك : هل أنت قائم ؟ ثم قلت : فإذا أضربك ، نصبت بإذاً ونصبت بجواب الفاء ونويت النقل . وكذلك الأمر والنهي يصلح في إذاً وجهان : النصب بها ونقلها . ولو شئت رفعت بالفعل إذا نويت النقل فقلت : إيته فإذاً يكْرِمُك ، تريد فهو يكرمك إذاً ، ولا تجعلها جوابها . وإذا كان قبلها جزاء وهي له جواب قلت : إن تأتني إذا أُكْرِمُك . وإن شئت : إذا أُكْرِمَك وأُكْرِمْك ؛ فمن جزم أراد أكرِمك إِذاً . ومن نصب نوى في إذاً فاء تكون جوابا فنصب الفعل بإذاً . ومن رفع جعل إذاً منقولة إلى آخر الكلام ؛ كأنه قال : فأُكرِمك إِذاً . وإذا رأيت في جواب إِذاً اللام فقد أضمرت لها ( لئن ) أو يمينا أو ( لو ) . من ذلك قوله عزّ وجل { ما اتّخذ اللَّهُ من ولدٍ وما كان مَعَه مِن إِلهٍ إِذاً لذهب كُلُّ إِلهٍ بِما خلق } . والمعنى - والله أعلم - : لو كان [ معه ] فيهما إله لذهب كل إله بما خلق . ومثله { وإِن كادوا لَيَفْتنونك عنِ الذي أوحينا إِليك لِتفترِىَ علينا غيرَه ، وإذا لاتّخَذوك خلِيلا } ومعناه : لو فعلت لاتخذوك . وكذلك قوله { كِدْتَ تركن } ثم قال : { إِذاً لأذقناك } ، معناه لو ركنت لأذقناك إِذاً . وإذا أوقعت ( إذاً ) على يفعل وقبله اسم بطلت فلم تنصب ؛

فقلت : أنا إذا أَضربُك . وإذا كانت في أوّل الكلام ( إِنّ ) نصبت يفعل ورفعت ؛ فقلت : إنى إذاً أوذِيَك . والرفع جائز ؛ أنشدنى بعض العرب :

لا تتركنِّى فِيهُم شَطيرا *** إِنى إِذاً أهلِكَ أو أَطيرا