الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

وصف اليهود بالبخل والحسد وهما شرّ خصلتين : يمنعون ما أوتوا من النعمة ويتمنون أن تكون لهم نعمة غيرهم فقال : { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مّنَ الملك } على أن أم منقطعة ومعنى الهمزة لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ثم قال : { فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ } أي لو كان لهم نصيب من الملك فإذاً لا يؤتون أحداً مقدار نقير لفرط بخلهم : والنقير : النقرة في ظهر النواة وهو مثل في القلة ، كالفتيل والقطمير . والمراد بالملك : إما ملك أهل الدنيا . وإما ملك الله كقوله تعالى : { قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّى إِذًا لأمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإنفاق } [ الإسراء : 100 ] وهذا أوصف لهم بالشح ، وأحسن لطباقه نظيره من القرآن . ويجوز أن يكون معنى الهمزة في أم : لإنكار أنهم قد أوتوا نصيباً من الملك ، وكانوا أصحاب أموال وبساتين وقصور مشيدة كما تكون أحوال الملوك . وأنهم لا يؤتون أحداً مما يملكون شيئاً . وقرأ ابن مسعود : «فإذاً لا يؤتوا » ، على إعمال إذا عملها الذي هو النصب ، وهي ملغاة في قراءة العامة ، كأنه قيل : فلا يؤتون الناس نقيراً إذاً .