محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{أَمۡ لَهُمۡ نَصِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُلۡكِ فَإِذٗا لَّا يُؤۡتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيرًا} (53)

( أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا53 ) .

( أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) . لما ذم سبحانه اليهود بتزكيتهم أنفسهم وتفضيلهم المشركين على الموحدين ، شرع في تفصيل بعض آخر من مثالبهم . وهو وصفهم بالبخل والحسد اللذين هما شر خصلتين . و ( أم ) منقطعة . والهمزة لإنكار أن يكون لهم نصيب من الملك ، والفاء للسببية الجزائية لشرط محذوف . أي لو كان لهم نصيب من الملك فاذا لا يؤتون أحدا مقدار نقير لفرط بخلهم . و ( النقير ) النقرة في ظهر النواة / وهو مثل في القلة والحقارة . كالفتيل والقطمير . والمراد بالملك اما ملك أهل الدنيا واما ملك الله . كقوله تعالى : ( قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق ) {[1895]} .

وقال أبو السعود : وهذا هو البيان الكاشف عن كنه حالهم . وإذا كان شأنهم كذلك وهم ملوك فما ظنك بهم وهم أذلاء متفاقرون ؟ ويجوز أن لا تكون الهمزة لإنكار الوقوع بل لإنكار الواقع والتوبيخ عليه . أي لعده منكرا غير لائق بالوقوع . على أن الفاء للعطف والانكار متوجه إلى مجموع المعطوفين على معنى : ألهم نصيب وافر من الملك حيث كانوا أصحاب أموال وبساتين وقصور مشيدة كالملوك فلا يؤتون الناس ذلك نقيرا ؟ كما تقول لغني لا يراعي أباه : ألك هذا القدر من المال فلا تنفق على أبيك شيئا ؟ وفائدة ( اذن ) تأكيد الانكار والتوبيخ . حيث يجعلون ثبوت النصيب سببا للمنع مع كونه سببا للاعطاء . وهي ملغاة عن العمل . كأنه قيل : فلا يؤتون الناس اذن : وقرئ : ( فاذن لا يؤتوا ) بالنصب على إعمالها .


[1895]:|17/ الاسراء/ 100| (... وكان الانسان قتورا100).