معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ} (20)

قوله تعالى :{ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ عليكم } أتم وأكمل ، { نعمه } قرأ أهل المدينة ، وأبو عمرو ، وحفص ، نعمه بفتح العين وضم الهاء على الجمع ، وقرأ الآخرون منونة على الواحد ، ومعناها الجمع أيضاً كقوله : { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } { ظاهرة وباطنة } قال عكرمة عن ابن عباس : النعمة الظاهرة : الإسلام والقرآن ، والباطنة : ما ستر عليك من الذنوب ولم يعجل عليك بالنقمة . وقال الضحاك : الظاهرة حسن الصورة وتسوية الأعضاء ، والباطنة : المعرفة . وقال مقاتل : الظاهرة : تسوية الخلق ، والرزق ، والإسلام . والباطنة الإيمان ؟ وقال الربيع : الظاهرة الجوارح ، والباطنة : القلب . وقيل : الظاهرة الإقرار : باللسان ، والباطنة : الاعتقاد بالقلب . وقيل : الظاهرة : تمام الرزق والباطنة : حسن الخلق . وقال عطاء : الظاهرة : تخفيف الشرائع ، والباطنة : الشفاعة . وقال مجاهد : الظاهرة : ظهور الإسلام والنصر على الأعداء ، والباطنة : الإمداد بالملائكة . وقيل : الظاهرة : الإمداد بالملائكة ، والباطنة : إلقاء الرعب في قلوب الكفار . وقال سهل ابن عبد الله : الظاهرة : اتباع الرسول ، والباطنة : محبته . { ومن الناس من يجادل في الله بغير علم } نزلت في النضر بن الحارث ، وأبي بن خلف ، وأمية بن خلف ، وأشباههم كانوا يجادلون النبي صلى الله عليه وسلم في الله وفي صفاته بغير علم . { ولا هدى ولا كتاب منير* }

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ} (20)

يقول تعالى منبها خلقه على نعمه عليهم في الدنيا والآخرة ، بأنه سخر لهم ما في السموات من نجوم يستضيئون بها في ليلهم ونهارهم ، وما يخلق فيها من سحاب وأمطار وثلج وبرد ، وجعله إياها لهم سقفا محفوظا ، وما خلق لهم في الأرض من قرار وأنهار وأشجار وزروع وثمار . وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة من إرسال الرسل وإنزال الكتب ، وإزاحة الشبَه والعلل ، ثم مع هذا كله ما آمن الناس كلهم ، بل منهم من يجادل في الله ، أي : في توحيده وإرسال الرسل . ومجادلته في ذلك بغير علم ، ولا مستند من حجة صحيحة ، ولا كتاب مأثور صحيح ؛ ولهذا قال تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ } أي : مبين مضيء .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ} (20)

{ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات } بأن جعله أسبابا محصلة لمنافعكم . { وما في الأرض } بأن مكنكم من الانتفاع به بوسط أو غير وسط { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } محسوسة ومعقولة ما تعرفونه وما لا تعرفونه وقد مر شرح النعمة وتفصيلها في الفاتحة ، وقرئ " وأصبغ " بالإبدال وهو جار في كل سين اجتمع من الغين أو الخاء أو القاف كصلخ وصقر ، وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص " نعمه " بالجمع والإضافة . { ومن الناس من يجادل في الله } في توحيده وصفاته . { بغير علم } مستفاد من دليل . { ولا هدى } راجع إلى رسول . { ولا كتاب منير } أنزله الله بل بالتقليد كما قال : { وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا } .