بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَلَمۡ تَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَأَسۡبَغَ عَلَيۡكُمۡ نِعَمَهُۥ ظَٰهِرَةٗ وَبَاطِنَةٗۗ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ} (20)

قوله عز وجل : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ } يعني : قل يا محمد لأهل مكة : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ الله } ذلل لكم { مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض } كل ذلك من الله تعالى . يعني : ومن قدرة الله ورحمته وحده لا شريك له { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهرة وَبَاطِنَةً } فالظاهرة : التي يراها الناس ، والباطنة ما غاب عن الناس . ويقال : النعم الظاهرة شهادة أن لا إله إلاَّ الله ، وأما الباطنة فالمعروفة بالقلب . وقال مقاتل : { ظاهرة } تسوية الخلق والرزق . و{ باطنة } تستر عن العيون - عن ابن عباس قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهرة وَبَاطِنَةً } فقال : «الظَّاهِرَةُ الإسْلامُ ، وَالبَاطِنَةُ مَا سَتَرَ سَوْأَتَكَ » .

قرأ نافع وأبو عمرو وعاصم في رواية حفص : { نِعَمَهُ } بنصب العين والميم ، وضم الهاء . وقرأ الباقون : { نِعَمَهُ } بجزم العين ونصب الهاء والميم . فمن قرأ { نِعَمَهُ } بالجزم فهي نعمة واحدة وهي ما أعطاه الله من توحيده . ومن قرأ : { نِعَمَهُ } فهو على معنى جميع ما أنعم الله عز وجل عليهم .

ثم قال : { وَمِنَ الناس مَن يجادل فِي الله } يعني : يخاصم في دين الله عز وجل : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } يعني : بغير حجة وهو النضر بن الحارث { وَلاَ هُدًى } بغير بيان من الله عز وجل { وَلاَ كتاب مُّنِيرٍ } يعني : مضيئاً فيه حجة .