قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ } .
قرأ نافع وشيبه وأبو جعفر وأبو رجاء العطاردي وأبو محلز وأبو عمرو والأعرج وأيّوب وحفص { نِعَمَهُ } بالجمع والإضافة ، واختاره أبو عبيد وأبو معاذ النحوي وأبو حاتم ، وقرأ الآخرون منُوّنة على الواحد ومعناها جمع أيضاً ، ودليله قول الله عزّ وجلّ :
{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ]وقال مجاهد وسفيان : هي لاَ إِلهَ إِلاّ الله ، وتصديقه أيضاً ما أخبرني أبو القاسم ( الحبيبي ) أنّه رأى في مصحف عبدالله { نِعْمَتَهُ } بالأضافة والتوحيد { ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } اختلفوا فيها فأكثروا . فقال ابن عبّاس : أمّا الظاهرة فالدين والرياش ، وأمّا الباطنة فما غاب عن العباد وَعَلِمَهُ الله .
مقاتل : الظاهرة تسوية الخَلق والرّزق والإسلام ، والباطنة ما ستر من ذنوب بني آدم فلم يعلم بها أحد ولم يعاقب عليها . الضحّاك : الظاهرة حسن الصورة وامتداد القامة وتسوية الأعضاء ، والباطنة المغفرة . القرظي : الظاهرة محمّد صلى الله عليه وسلم والباطنة المعرفة . ربيع : الظاهرة بالجوارح والباطنة بالقلب . عطاء الخراساني : الظاهرة تخفيف الشرائع ، والباطنة الشفاعة . مجاهد : الظاهرة ظهور الإسلام والنصر على الأعداء ، والباطنة الإمداد بالملائكة .
أخبرنا الحسين بن محمد بن إبراهيم النيستاني ، قال : أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم ابن محمش ، قال : أخبرني أبو يحيى زكريا بن يحيى بن الحرب ، عن محمد بن يوسف بن محمد ابن سابق الكوفي قال : أخبرني أبو مالك الجبنى ، عن جويبر ، عن الضحاك قال : سألت ابن عبّاس عن قول الله عزّ وجلّ : { وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً } فقال : هذا من محرزي الذي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : " يا رسول الله ما هذه النعمة الظاهرة والباطنة ؟ قال : أمّا الظاهرة فالإسلام وما حسن من خلقك وما أفضل عليك من الرزق ، وأمّا الباطنة ما ستر من سوء عملك ، يابن عبّاس يقول الله تعالى : إنّي جعلت للمؤمن ثلثا صلاة المؤمنين عليه بعد انقطاع عمله أُكفّر به عن خطاياه ، وجعلت له ثلث ماله ليكفّر به عنه من خطاياه وسترت عليه سوء عمله الذي لو قد أبديته للناس لنبذه أهله فما سواهم " .
وقال محمّد بن علي الترمذي : النعمة الظاهرة :
{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [ المائدة : 3 ] والباطنة قوله :
{ وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلمَ دِيناً } [ المائدة : 3 ] .
( الحرث بن أسد المحاسبي ) : الظاهرة نعيم الدنيا ، والباطنة نعيم العقبى . عمرو بن عثمان الصدفي : الظاهرة تخفيف الشرائع والباطنة تضعيف الصنائع .
وقيل : الظاهرة الجزاء ، والباطنة الرضا . سهل بن عبدالله : الظاهرة إتباع الرسول ، والباطنة محبّته . وقيل : الظاهرة تسوية الظواهر والباطنة تصفية السرائر . وقيل : الظاهرة التبيين ، بيانه قوله تعالى :
{ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } [ النساء : 176 ]
{ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ } [ البقرة : 221 ] والباطنة التزين قوله :
{ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ } [ الحجرات : 7 ]وقيل : الظاهرة الرزق المكتسب ، والباطنة الرزق من حيث لا يُحتسب .
وقيل : الظاهرة المدخل للغذاء ، والباطنة المخرج للأذى . وقيل : الظاهرة الجوارح ، والباطنة المصالح . وقيل : الظاهرة الخَلق ، والباطنة الخُلق . وقيل الظاهرة التنعيم ، بيانه قوله :
{ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ } [ الحمد : 7 ] والباطنة التعليم . قوله :
{ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 151 ] وقيل : الظاهرة ما أعطى وحبا من النعماء ، وقيل الباطنة : ما طوي وزوي من أنواع البلاء ، وقيل : الظاهرة الدعوة ، بيانه قوله :
{ وَاللَّهُ يَدْعُواْ إِلَى دَارِ السَّلاَمِ } [ يونس : 25 ]والباطنة الهداية . بيانه قوله :
{ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ يونس : 25 ] .
وقيل : الظاهرة الإمداد بالملائكة ، والباطنة إلقاء الرعب في قلوب الكفّار ، وقيل : الظاهرة تفصيل الطاعات ، وهو أنّه ذكَر طاعتك واحدة فواحدة وأثنى عليك بها وأثابك عليها ، بيانه قوله :
{ التَّائِبُونَ } [ التوبة : 112 ] وقوله :
{ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } [ المؤمنون : 1 ] وقوله :
{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ } [ الأحزاب : 35 ] إلى آخر الآية . والباطنة إجمال المعاصي وذلك أنّه دعاك منها إلى التوبة باسم الإيمان من غير عدّها وتفصيلها ، بيانه قوله :
{ وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ } [ النور : 31 ]وقيل : الظاهرة إنزال الأقطار والأمطار ، والباطنة إحياء الأقطار والأمصار .
وقيل : الظاهرة التوفيق للعبادات ، والباطنة الإخلاص والعصمة من المراءات ، وقيل : الظاهرة ذكر اللسان ، والباطنة ذكر الجنان ، وقيل : الظاهرة تلاوة القرآن والباطنة معرفته . وقيل : الظاهرة ضياء النهار للتصرّف والمعاش ، والباطنة ظلمة الليل للسكون والقرار . وقيل : الظاهرة النطق ، والباطنة العقل ، وقيل : الظاهرة نِعَمَهُ عليك بعدما خرجت من بطن أُمّك ، والباطنة : نِعَمَهُ عليك وأنت في بطن أُمّك .
وقيل : الظاهرة الشهادة الناطقة ، والباطنة السعادة السابقة . وقيل : الظاهرة ألوان العطايا ، والباطنة غفران الخطايا . وقيل : الظاهرة وضع الوزر ورفع الذّكر ، والباطنة شرح الصدر .
وقيل : الظاهرة فتح المسالك والباطنة نزع الممالك ممّن خالفك ، وقيل : الظاهرة المال والأولاد ، والباطنة الهدى والارشاد ، وقيل : الظاهرة القول السديد والباطنة التأييد والتسديد ، وقيل : الظاهرة ما يكفِّر الله به الخطايا من الرزايا والبلايا ، والباطنة ما يعفو عنه ولا يؤاخذ به في الدنيا والعقبى ، وقيل : الظاهرة ما بينك وبين خلقه من الأنساب والأصهار ، والباطنة ما بينك وبينه من القرب والأسرار والمناجاة في الأسحار ، وقيل : الظاهرة العلوّ بيانه قوله :
{ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ } [ آل عمران : 139 ] والباطنة الدنوّ بيانه قوله :
{ أُوْلَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ } [ الواقعة : 11 ] .
قوله : { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } نزلت في النضر بن الحرث حين زعم أنّ الملائكة بنات الله { وَلاَ هُدَىً وَلاَ كِتَابٍ مُنير }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.