قوله تعالى : { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } ، شك ونفاق .
قوله تعالى : { غر هؤلاء دينهم } ، يعني : غر المؤمنين دينهم ، هؤلاء قوم كانوا مستضعفين بمكة وقد أسلموا ، وحبسهم أقرباؤهم من الهجرة ، فلما خرجت قريش إلى بدر ، أخرجوهم كرهاً ، فلما نظروا إلى قلة المسلمين ارتابوا وارتدوا ، وقالوا : غر هؤلاء دينهم ، فقتلوا جميعاً ، منهم : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة المخزوميان ، والحارث ابن زمعة بن الأسود بن المطلب ، وعلي بن أمية بن خلف الجمحي ، والعاص بن منبه بن الحجاج .
قوله تعالى : { ومن يتوكل على الله } ، أي : ومن يسلم أمره إلى الله ويثق به .
وقوله : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ } قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس في هذه الآية قال : لما دنا القوم بعضهم من بعض قلل الله المسلمين في أعين المشركين ، وقلل المشركين في أعين المسلمين فقال المشركون : { غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ } وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم ، فظنوا{[13075]} أنهم سيهزمونهم ، لا يشكون في ذلك ، فقال الله : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
وقال قتادة : رأوا عصابة من المؤمنين تشددت لأمر الله ، وذكر لنا أن أبا جهل عدو الله لما أشرف على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال : والله لا يعبدوا الله بعد اليوم ، قسوة وعتوا .
وقال ابن جُرَيْج في قوله : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } هم قوم كانوا من المنافقين بمكة ، قالوه يوم بدر .
وقال عامر الشعبي : كان ناس من أهل مكة قد تكلموا بالإسلام ، فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : { غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ }
وقال مجاهد في قوله ، عز وجل : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ } قال : فئة من قريش : [ أبو ]{[13076]} قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحارث بن زمعة بن الأسود بن المطلب ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب فحبسهم ارتيابهم ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : { غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ } حتى قدموا على ما قدموا عليه ، مع قلة عددهم وكثرة عدوهم .
وهكذا قال محمد بن إسحاق بن يسار ، سواء .
وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن ثور ، عن مَعْمَر ، عن الحسن في هذه الآية ، قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا منافقين - قال معمر : وقال بعضهم : هم قوم كانوا أقروا بالإسلام ، وهم بمكة فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : { غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ }{[13077]}
وقوله : { وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ } أي : يعتمد على جنابه ، { فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ } أي : لا يُضام من التجأ إليه ، فإن الله عزيز منيع الجناب ، عظيم السلطان ، حكيم في أفعاله ، لا يضعها إلا في مواضعها ، فينصر من يستحق النصر ، ويخذل من هو أهل لذلك .
القول في تأويل قوله تعالى : { إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مّرَضٌ غَرّ هََؤُلآءِ دِينُهُمْ وَمَن يَتَوَكّلْ عَلَى اللّهِ فَإِنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } .
يقول تعالى ذكره : وإن الله لسميع عليم في هذه الأحوال ، وإذ يقول المنافقون . وكرّ بقوله : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ على قوله : إذْ يُرِيكَهُمُ اللّهُ فِي مِنامِكَ قَلِيلاً . والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يعني : شكّ في الإسلام لم يصح يقينهم ، ولم تشرح بالإيمان صدورهم . غَرّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ يقول : غرّ هؤلاء الذين يقاتلون المشركين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أنفسهم دينهم ، وذلك الإسلام . وذكر أن الذين قالوا هذا القول كانوا نفرا ممن كان قد تكلم بالإسلام من مشركي قريش ولم يستحكم الإسلام في قلوبهم . ذكر من قال ذلك :
حدثنا محمد بن المثنى ، قال : حدثنا عبد الأعلى ، قال : حدثنا داود ، عن عامر في هذه الاَية : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ قال : كان ناس من أهل مكة تكلموا بالإسلام ، فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : غَرّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ .
حدثني إسحاق بن شاهين ، قال : حدثنا خالد ، عن داود ، عن عامر ، مثله .
حدثني الحرث ، قال : حدثنا عبد العزيز ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، في قوله : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ قال : فئة من قريش : قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والحرث بن زمعة بن الأسود بن المطلب ، وعليّ بن أمية بن خلف ، والعاصي بن منبه بن الحجاج خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب فحبسهم ارتيابهم ، فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : غرّ هؤلاء دينهم حتى قدموا على ما قدموا عليه مع قلة عددهم وكثرة عدوّهم
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن الحسن : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ قال : هم قوم لم يشدوا القتال يوم بدر ، فسموا منافقين . قال معمر : وقال بعضهم : قوم كانوا أقرّوا بالإسلام وهم بمكة ، فخرجوا مع المشركين يوم بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : غرّ هؤلاء دينهم
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ . . . إلى قوله : فإنّ اللّهَ عَزِيزٌ حكِيمٌ قال : رأوا عصابة من المؤمنين تشددت لأمر الله . وذكر لنا أن أبا جهل عدوّ الله لما أشرف على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قال : والله لا يعبد الله بعد اليوم قسوة وعتوّا .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جريج في قوله : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال : ناس كانوا من المنافقين بمكة ، قالوه يوم بدر ، وهم يومئذ ثلاث مئة وبضعةَ عَشَرَ رجلاً .
قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، في قوله : إذْ يَقُولُ المُنافِقُونَ والّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ قال : لما دنا القوم بعضهم من بعض ، فقلل الله المسلمين في أعين المشركين ، وقلل المشركين في أعين المسلمين ، فقال المشركون : غرّ هؤلاء دينهم وإنما قالوا ذلك من قلتهم في أعينهم ، وظنوا أنهم سيهزمونهم لا يشكون في ذلك ، فقال الله : وَمَنْ يَتَوَكّلْ على اللّهِ فإنّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ .
وأما قوله : وَمَنْ يَتَوَكّلْ على اللّهِ فإن معناه : ومن يسلم أمره إلى الله ويثق به ويرض بقضائه ، فإن الله حافظه وناصره لأنه عزيز لا يغلبه شيء ولا يقهره أحد ، فجاره منيع ومن يتوكل عليه يكفه . وهذا أمر من الله جلّ ثناؤه المؤمنين به من أصحاب رسول الله وغيرهم أن يفوّضوا أمرهم إليه ويسلموا لقضائه ، كيما يكفيهم أعداءهم ، ولا يستذلهم من ناوأهم لأنه عزيز غير مغلوب ، فجاره غير مقهور . حِكِيمُ يقول : هو فيما يدبر من أمر خلقه ، حكيم لا يدخل تدبيره خلل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.