الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

وقوله سبحانه : { إِذْ يَقُولُ المنافقون والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } [ الأنفال : 49 ] .

قال المفسرون : إِن هؤلاء الموصوفين بالنِّفاق ، إِنما هُمْ من أهْل عَسْكر الكُفَّار ممَّن كان الإِسلام دَاخِلَ قلوبهم ، خَرَجُوا مع المُشْركين إِلَى بَدْرٍ ، منهم مُكرَهٌ وغيرُ مُكْرَهٍ ، فلما أشرفوا على المسلمينَ ، ورأَوْا قلَّتهم ، ارتابوا ، وقالُوا مشيرين إِلى المسلمين : غَرَّ هؤلاءِ دينُهُمْ .

قال ( ع ) : ولم يُذْكَرْ أحدٌ ممَّن شهد بدراً بنفاقٍ إِلا ما ظَهَرَ بعْدَ ذلك من مُعَتِّب ابن قُشَيْرٍ ؛ فإِنه القائل يَوْمَ أحُدٍ : { لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأمر شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هاهنا } [ آل عمران : 154 ] وقد يحتمل أنْ يكون منافقو المدينة ، لما وَصَلَهم خروجُ قريشٍ في قوَّة عظيمةٍ ، قالوا هذه المقالةَ ، ثم أخبر اللَّه سبحانه بأنَّ مَنْ توكَّل عليه ، وفوَّض أمره إليه ، فإِن عزَّته سبحانه وحِكْمته كفيلةٌ بنَصْره .