فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

قوله : { إِذْ يَقُولُ المنافقون } الظرف معمول لفعل محذوف هو اذكر ، ويجوز أن يتعلق بنكص أو بزين أو بشديد العقاب . قيل : المنافقون هم الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر { والذين فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ } هم الشاكون من غير نفاق ، بل لكونهم حديثي عهد بالإسلام ، فوافقوا المنافقين في قولهم بهذه المقالة ، أعني : { غَرَّ هَؤُلاء } أي : المسلمين { دِينَهُمُ } حتى تكلفوا ما لا طاقة لهم به من قتال قريش . وقيل : الذين في قلوبهم مرض هم المشركون ، ولا يبعد أن يراد بهم اليهود الساكنون في المدينة وما حولها ، وأنهم هم والمنافقون من أهل المدينة ، قالوا هذه المقالة عند خروج المسلمين إلى بدر لما رأوهم في قلة من العدد وضعف من العدد ، فأجاب الله عليهم بقوله : { وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى الله فَإِنَّ الله عَزِيزٌ } لا يغلبه غالب ، ولا يذلّ من توكل عليه { حَكِيمٌ } له الحكمة البالغة التي تقصر عندها العقول .

/خ49