الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

قوله : { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض }{[27570]} إلى قوله : { للعبيد }[ 49-51 ] .

المعنى : واذكر ، يا محمد ، { إذ يقول }{[27571]} .

وقيل المعنى : { لسميع عليم }[ 43 ] ، في هذه الأحوال ، وحين يقول المنافقون : كذا وكذا{[27572]} .

و{ المنافقون } هنا : نفر لم يستحكم الإيمان في قلوبهم من مشركي قريش ، خرجوا مع المشركين من مكة وهم على الارتياب ، فلما رأوا قلة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا : { غر هؤلاء دينهم }[ 49 ] ، حتى قدموا عليه ، مع قلة عددهم{[27573]} .

وقال الحسن : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا : " منافقين " {[27574]} .

وقال معمر : هم أقروا بالإسلام بمكة ، ثم خرجوا مع المشركين إلى بدر ، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا : { غر هؤلاء دينهم }{[27575]} .

قال ابن عباس : إنما قالوا ذلك حين قلل الله المسلمين في أعين المشركين ، فظنوا أنهم يغلبون لا محالة{[27576]} .

وقوله : { ومن يتوكل على الله }[ 49 ] .

أي : يسلم أمره إلى الله عز وجل { فإن الله عزيز } ، أي : لا يغلبه شيء ، ولا يقهره أمر{[27577]} { حكيم } في تدبيره{[27578]} .

ف{ المنافقون } : هم الذين أظهروا الإيمان ، وأبطنوا الشرك ، { والذين في قلوبهم مرض } : هم الشاكون في أمر الإسلام . وقيل : هما واحد ، كما قال : { الذين يومنون بالغيب }{[27579]} ، ثم قال : { والذين يومنون بما أنزل إليك }{[27580]} ، وهما واحد{[27581]} .

ويروى أن رجلا من الأنصار رأى الملائكة يوم بدر ، فذهب بصره ، فكان يقول : لولا ما ذهب بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة .

قال : ولقد سمعت حمحمة{[27582]} الخيل{[27583]} .


[27570]:ما بين الهلالين ساقط من "ر".
[27571]:إشارة منه إلى أن العامل في {إذ} فعل مضمر، تقديره: واذكر، انظر: المحرر الوجيز 2/539، والتبيان 2/627. والبحر المحيط 4/501، والدر المصون 3/427، وحاشية الجمل على الجلالين 3/202.
[27572]:وهو قول الطبري في جامع البيان 14/12.
[27573]:جامع البيان 14/12، باختصار.
[27574]:التفسير 1/405 وتفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/260، وجامع البيان 14/14، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1716، وتفسير ابن كثير 2/319، والدر المنثور 4/79.
[27575]:تفسير عبد الرزاق الصنعاني 2/261، وفيه: "...عن معمر: وقال الكلبي". وجامع البيان 14/14، وفيه: "قال معمر: وقال بعضهم". وتفسير ابن كثير 2/319، بنحوه، والدر المنثور 4/79، وفيه: "...عن الكلبي رضي الله عنه، قال...". انظر: زاد المسير 3/367.
[27576]:صحيفة علي بن أبي طلحة 255، وتفسير ابن أبي حاتم 5/1717، وتفسير ابن كثير 2/318، مختصرا، وعزاه الطبري في جامع البيان 14/14، إلى ابن جريج.
[27577]:كذا في المخطوطتين، وفي جامع البيان الذي نقل عنه مكي: أحد.
[27578]:جامع البيان 14/14، 15، باختصار.
[27579]:البقرة: آية 2.
[27580]:البقرة: 3.
[27581]:إعراب القرآن للنحاس 2/190، بتصرف يسير.
[27582]:في الأصل: جمجمة، بالجيم، وهو تصحيف. وحمحم الفرس، و: تحمحم: وهو صوته إذا طلب العلف، المختار / حمم.
[27583]:انظر: الدر المنثور 4/34.