لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

قوله عز وجل : { إذ يقول المنافقون } يعني من أهل المدينة { والذين في قلوبهم مرض } أي شك وارتياب وهم قوم من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يقو الإسلام في قلوبهم ولم يتمكن فلما خرج كفار قريش إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا معهم إلى بدر فلما نظروا إلى قلة المسلمين ارتابوا وارتدوا وقالوا { غر هؤلاء دينهم } يعني أن هؤلاء نفر قليلون يقاتلون أضعافهم فقد غرهم دينهم الإسلام على ذلك وحملهم على قتل أنفسهم رجاء الثواب في الآخرة فقتلوا جميعاً يوم بدر . وقال مجاهد : إن فئة من قريش وهم قيس بن الوليد بن المغيرة ، وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة بن زمعة بن الأسود بن المطلب ، وعلي بن أمية بن خلف ، والعاص بن منبه بن الحجاج ، خرجوا مع قريش من مكة وهم على الارتياب ، فحبسهم ارتيابهم فلما رأوا قلة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قالوا : غر هؤلاء دينهم ثم قال تعالى : { ومن يتوكل على الله } يعني ومن يسلم أمره إلى الله ويثق بفضله ويعول على إحسانه { فإن الله } حافظه وناصره لأنه { عزيز } لا يغلبه شيء { حكيم } فيما قضى وحكم فيوصل الثواب إلى أوليائه والعقاب إلى أعدائه .