وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) قال بعضهم : الذين في قلوبهم مرض المشركون ( غر هؤلاء دينهم ) . وعن الحسن ( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض )[ أنه ][ ساقطة من الأصل وم ] قال : هم قوم لم يشهدوا القتال يوم بدر ، فسموا منافقين .
وقال بعض أهل التأويل : إن قوما كانوا أسلموا بمكة ، فأقاموا بها مع المشركين ، ولم يهاجروا إلى المدينة ، فلما خرج كفار مكة إلى بدر خرج هؤلاء معهم . فلما عاينوا قلة المؤمنين وضعفهم شكوا في دينهم ، وارتدوا ، فقالوا[ في الأصل وم : قال ] : ( غر هؤلاء دينهم ) يعنون أصحاب محمد .
يقول الله تعالى : ( ومن يتوكل على الله ) فيثق بوعده في النصر ببدر [ رغم قولهم ][ في الأصل وم : لقولهم ] ( غر هؤلاء دينهم ) ( فإن الله عزيز حكيم ) لا يعجزه شيء .
قالوا[ في الأصل وم : وقوله ] : ( غر هؤلاء دينهم ) لأنه لم يكن معهم عدة ولا أسباب الحرب من السلاح وغيره ، فلم يكونوا يقاتلون إلا لقوة دينهم .
وقوله تعالى : ( إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ) إن[ في الأصل وم : فإن ] قيل لنا : ما الحكمة في ذكر قول المنافقين في القرآن حتى نتلوه في الصلاة ؟ قيل : ذكره[ الهاء ساقطة من الأصل وم ] والله أعلم ، لنعرف عظيم منزلة الدين وخطير قدره في قلوبهم ؛ أعني قلوب المؤمنين ، وذلك أنهم بذلوا أنفسهم للهلاك لخروجهم لقتال عدوهم مع ضعفهم وكثرة أعدائهم وقوتهم رجاء أن يسلم لهم دينهم . يذكر لنا لنعرف عظيم محل الدين في قلوبهم ليكون محل الدين في قلوبنا على مثل قدره .
وفي قوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلاءِ دِينُهُمْ ) دلالة إثبات رسالة محمد لأنهم إنما قالوا ذلك سرا في ما بينهم ، فأطلع الله رسوله على ذلك ، ليعلم أنه عرف بالله .
ثم اختلف في قوله : ( والذين في قلوبهم مرض ) قال بعضهم : م/202-ب/ المشركون . قال المنافقون والمشركون [ عن المؤمنين ][ في الأصل وم : للمؤمنين ] ( غر هؤلاء دينهم ) وقال بعضهم : هم قوم أسلموا ، وقد كانوا ضعفاء في الإسلام و الدين ، فلما خرجوا إلى بدر فرأوا ضعف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوة أولئك القوم قالوا عند ذلك : ( غر هؤلاء دينهم ) . وقد ذكر في بعض القصة أن قوما كانوا أسلموا بمكة ، ثم أقاموا مع المشركين ، ولم يهاجروا إلى المدينة ، فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر خرج هؤلاء معهم . فلما عاينوا قلة المسلمين شكوا في دينهم ، وارتابوا ، فقالوا مع المنافقين : ( غر هؤلاء دينهم ) يعنون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى : ( وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ) من المؤمنين ، فيثق به في النصر [ رغم قولهم ][ في الأصل وم : لقولهم ] ( غر هؤلاء دينهم ) .
وقوله تعالى : ( إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ) يجيء أن يكونوا[ في الأصل وم : يكون ] هم المنافقين[ في الأصل وم : المنافقون ] على ما فسره في آية أخرى . فإن كان على ذلك فيكون على إسقاط الواو ؛ وكأنه يقال : يقول المنافقون الذين في قلوبهم مرض إلا أن يقال : إن المنافقين هم الذين أضمروا الكفر حقيقة والذين لم يضمروا الكفر ، لكنهم ارتابوا ، وشكوا ، واعترضهم[ في الأصل وم : واعترض ] شك وارتياب من بعد أن[ في الأصل وم : إذا ] رأوا تأخر الموعود .
وقوله تعالى : ( غر هؤلاء دينهم ) يخرج على وجهين :
أحدهما : قالوا : غر الموعود الذي وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتوح لهم و النصر في الدنيا . يقولون : غر ذلك الموعود الذي كانوا به من الفتوح الذي وعد لهم .
والثاني : يقولون : غر هؤلاء الموعود الذي وعدوا في الآخرة من النعيم الدائم والحياة الدائمة .
فيكون أحد التأويلين بالموعود في الآخرة ، وهو بالإسلام يكون ، والثاني بالموعود في الدنيا ، وهو الفتح والنصر الذي ذكرناه .
وقوله تعالى : ( عن هؤلاء دينهم ) لما رأوا أنهم تركوا آباءهم وجميع شهواتهم ، وبذلوا أنفسهم للقتال ليسلم لهم دينهم ، لذلك قالوا : ( غر هؤلاء دينهم ) لما لم يكن خروجهم وبذلهم أنفسهم لذلك إلا إشفاقا وخوفا على دينهم ؛ وطلبوا لما بذلوا أنفسهم حياة الأبد في الآخرة ، فقالوا ( غر هؤلاء دينهم ) والله أعلم .
وقوله تعالى : ( ومن يتوكل على الله ) أي اعتمد على الله في حرب بدر على ما ذكر أهل التأويل والنصر فيه .
قوله تعالى : ( فإن الله عزيز حكيم ) العزيز في هذا الموضع هو الغالب ( حكيم ) مما أمر بالقتل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.