تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـٰٓؤُلَآءِ دِينُهُمۡۗ وَمَن يَتَوَكَّلۡ عَلَى ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (49)

إذ { يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } ، يعنى الكفر ، نزلت في قيس بن الفاكه ، ولم يتجمع جمع قط منذ يوم كانت الهزيمة أكثر من يوم بدر ، وذلك أن إبليس جاء بنفسه ، وجاء كل شيطان موكل بالدنيا ، إلا شيطان موكل بآدمي ، وكفار الجن كلهم ، وسبعمائة من المشركين عليهم أبو جهل بن هشام ، وكان قبل ذلك في ألف رجل ، فرد منهم أبى بن شريق ثلاثمائة من بنى زهرة ، وذلك أن أبى بن شريق خلا بأبي جهل ، فقال : يا أبا الحكم ، أكذاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : والله ما يكذب محمد صلى الله عليه وسلم على الناس ، فكيف يكذب على الله ، وكان يسمى قبل النبوة الأمين ، لأنه لم يكذب قط .

فقال أبو جهل : ولكن إذا كانت السقاية في بنى عبد مناف ، والحجابة والمشورة والولاية ، حتى النبوة أيضا ، فلما سمع أبى بن شريق قول أبى جهل : إن محمدا لم يكذب ، رد أصحابه عن قتال محمد عليه السلام ، فخنس ، فسمى الأخنس بن شريق ، لأنه خنس بثلاثمائة رجل من بنى زهرة يوم بدر عن قتال محمد ، عليه السلام ، وبقى سبعمائة عليهم أبو جهل بن هشام ، والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا ، وسبعين من مؤمني الجن ، وألف من الملائكة عليه جبريل ، عليه السلام ، فكان جبريل على خمسمائة على ميمنة الناس ، وميكائيل على خمسمائة في ميسرة الناس ، ولم تقاتل الملائكة قتالا قط إلا يوم بدر ، وكانوا يومئذ على صور الرجال ، وعلى قوة الرجال على خيول بلق ، وكان جبريل ، عليه السلام ، يسير أمام صف المسلمين ، ويقول : أبشروا ، فإن النصر لكم ، وما يرى المسلمون إلا أنه رجل منهم .

{ إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض } ، يعنى الكفر ، نزلت في قيس بن الفاكه بن المغيرة ، والوليد بن الوليد بن المغيرة ، وقيس بن الوليد بن المغيرة ، والوليد بن عتبة بن ربيعة ، والعلاء بن أمية بن خلف الجمحي ، وعمرو بن أمية بن سفيان بن أمية ، كان هؤلاء المسلمون بمكة ، ثم أقاموا بمكة مع المشركين ، فلم يهاجروا إلى المدينة ، فلما خرج كفار مكة إلى قتال بدر ، خرج هؤلاء النفر معهم ، فلما عاينوا قلة المؤمنين شكوا في دينهم وارتابوا ، فقالوا : { غر هؤلاء دينهم } ، يعنون أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل : { ومن يتوكل على الله } ، يعنى المؤمنين ، يعنى يثق به في النصر ، { فإن الله عزيز } ، يعنى منيع في ملكه ، { حكيم } [ آية :49 ] في أمره حكم النصر .