قوله تعالى : { فلولا } فهلا ، { كان من القرون } ، التي أهلكناهم ، { من قبلكم } ، والآية للتوبيخ { أولو بقية } ، أي : أولو تمييز . وقيل : أولو طاعة . وقيل : أولو خير . يقال : فلان ذو بقية إذا كان فيه خير . معناه : فهلا كان من القرون من قبلكم من فيه خير ينهى عن الفساد في الأرض ؟ وقيل : معناه أولو بقية من خير . يقال : فلان على بقية من الخير إذا كان على خصلة محمودة .
قوله تعالى : { ينهون عن الفساد في الأرض } ، أي يقومون بالنهي عن الفساد ، ومعناه جحد ، أي : لم يكن فيهم أولو بقية . { إلا قليلاً } ، هذا استثناء منقطع معناه : لكن قليلا ، { ممن أنجينا منهم } ، وهم أتباع الأنبياء كانوا ينهون عن الفساد في الأرض .
قوله تعالى : { واتبع الذين ظلموا ما أترفوا } ، نعموا ، { فيه } ، والمترف : المنعم . وقال مقاتل بن حيان : خولوا . وقال الفراء : عودوا من النعيم واللذات وإيثار الدنيا أي : واتبع الذين ظلموا ما عودوا من النعيم واللذات وإيثار الدنيا على الآخرة . { وكانوا مجرمين } ، كافرين .
يقول تعالى : فهلا وجد من القرون الماضية بقايا من أهل الخير ، ينهون عما كان يقع بينهم من
الشرور والمنكرات والفساد في الأرض .
وقوله : { إِلا قَلِيلا } أي : قد وجد منهم من هذا الضرب قليل ، لم يكونوا كثيرا ، وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غِيَره ، وفجأة نِقَمه ؛ ولهذا أمر تعالى هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، كما قال تعالى : { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [ آل عمران : 104 ] . وفي الحديث : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيّروه ، أوشك أن يَعُمَّهُم الله بعقاب " ؛ ولهذا قال تعالى : { فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأرْضِ إِلا قَلِيلا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ } .
وقوله : { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ } أي : استمروا على ما هم فيه من المعاصي والمنكرات ، ولم يلتفتوا إلى إنكار أولئك ، حتى فَجَأهم العذابُ ، { وَكَانُوا مُجْرِمِينَ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.