الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (116)

ثم قال تعالى : { فلولا كان من القرون من قبلكم أولوا بقية }[ 116 ] أي : فهلا كان من القرون الذين خصصنا خبرهم في هذه السورة ، أولو بقية في الفهم ، والعقل ، فيعتبرون{[33432]} مواعظ الله عز وجل ، ويتدبرون{[33433]} حججه ، جلت عظمته فينتهون عن الفساد{[33434]} .

وفي الكلام معنى التعجب .

وقوله : { إلا قليلا } قليل هو استثناء ليس من الأول{[33435]} .

قال ابن زيد : هم الذين نجوا حين نزل العذاب{[33436]} ، يعني : قوم يونس عليه السلام ، ومن نجا مع الرسل .

{ واتبع الذين ظلموا }[ 116 ] أي{[33437]} : من دنياهم وبطرهم{[33438]} . والمعنى : اتبعوا{[33439]} ما أبطرهم{[33440]} فيه ربهم من نعيم دنياهم ، وإيثار على الآخرة ، وما ينجيهم من عذاب الله{[33441]} .

وقال مجاهد : اتبعوا مهلكهم{[33442]} وتجبرهم ، وتركوا الحق ، واستكبروا عن أمر الله{[33443]} . والمترف{[33444]} في كلام العرب ( المنعم الدنيا ){[33445]} الذي قد غُذِّي باللذات{[33446]} .

{ وكانوا مجرمين } : أي : مكتسبين الكفر{[33447]} . { ممن أنجينا منهم } : وقف{[33448]} وقد أجاز أبو حاتم الوقف على الأرض ، ورد ذلك عليه ، لأن بعده استثناء{[33449]} .


[33432]:ق: يفترون.
[33433]:ق: ويدبرون.
[33434]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/526-527.
[33435]:انظر: إعراب النحاس 2/308.
[33436]:انظر هذا القول في: جامع البيان 15/527.
[33437]:ساقط من ق.
[33438]:ط: وأبطرهم.
[33439]:ق: واتبعوا.
[33440]:وفي جامع البيان 15/529 (أنظرهم)، وفي اللسان: بطر: (أبطره: أدهشه والبطر: الكبر، وبطرت معيشتها، وبطرت في معيشتها بمعنى واحد.
[33441]:انظر هذا التوجيه في: جامع البيان 15/529.
[33442]:وفي تفسير مجاهد 329: مهلكهم.
[33443]:انظر هذا القول في: تفسير مجاهد 392 وجامع البيان 15/529.
[33444]:ق: المشرف.
[33445]:ما بين القوسين ساقط من ط.
[33446]:انظر المصدر السابق، واللسان: ترف.
[33447]:انظر هذا التفسير في: جامع البيان 15/530.
[33448]:انظر هذا الوقف كافيا في: القطع 397، والمكتفى 321، وتاما في: المقصد 46.
[33449]:انظر هذا التوجيه في: القطع 397.