جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{فَلَوۡلَا كَانَ مِنَ ٱلۡقُرُونِ مِن قَبۡلِكُمۡ أُوْلُواْ بَقِيَّةٖ يَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡفَسَادِ فِي ٱلۡأَرۡضِ إِلَّا قَلِيلٗا مِّمَّنۡ أَنجَيۡنَا مِنۡهُمۡۗ وَٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مَآ أُتۡرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجۡرِمِينَ} (116)

{ فَلَوْلاَ } فهلا ، { كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ{[2347]} } يقال : فلان من بقية القوم ، أي : من خيارهم ، أي : هلا كان منهم من فيه خير ينهي عن الفساد ؟ وهذا تحريض لأمة محمد عليه الصلاة والسلام كما قال : " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير " الآية ( آل عمران : 104 ) ، { يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ } من في ممن للبيان ، أي : لكن قليلا منهم {[2348]} أنجيناهم لأنهم كذلك وجاز أن يكون الاستثناء متصلا لأن التخصيص ملزوم للنفي ، أي : ما كان فيهم أو لو بقية كذا إلا قليلا وهم من أنجيناهم ، { وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ } عطف على ما دل عليه الكلام ، أي : لم ينهوا عن الفساد واتبعوا ، { مَا أُتْرِفُواْ } : نعموا ، { فِيهِ } من الشهوات بتحصيل أسبابها فأعرضوا عن الآخرة ، { وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ } : كافرين ، وهذا سبب استئصالهم و إهلاكهم فلا بد من الحذر عن مثل ما هم كانوا عليه .


[2347]:لما بين أن الأمم المتقدمين حل بهم عذاب الاستئصال بين أن السبب فيه أمران ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والترفه، أي: لم تهتموا بما هو ركن عظيم من أركان الدين وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتبعوا طلب الشهوات واللذات واشتغلوا بتحصيل الرياسات/12 كبير.
[2348]:قدمنا وجه الأول وهو أن الاستثناء منقطع لأنه إذا كان متصلا فالمختار الرفع/ 12 منه.