معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا} (105)

قوله تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } الآية ، روى الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يقال له طعمة بن أبيرق ، من بني ظفر بن الحارث ، سرق درعاً من جار له يقال له قتادة بن النعمان ، وكانت الدرع في جراب له فيه دقيق ، فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار ، ثم خبأها عند رجل من اليهود ، يقال له زيد بن السمين ، فالتمست الدرع عند طعمة ، فحلف بالله ما أخذها وما له بها من علم ، فقال أصحاب الدرع : لقد رأينا أثر الدقيق حتى دخل داره ، فلما حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق إلى منزل اليهودي فأخذوه منه ، فقال اليهودي : دفعها إلي طعمة بن أبيرق ، فجاء بنو ظفر وهم قوم طعمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يجادل عن صاحبهم ، وقالوا له : إنك إن لم تفعل افتضح صاحبنا ، فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاقب اليهودي ، ويروى عن ابن عباس رضي الله عنهما في رواية أخرى ، أن طعمة سرق الدرع في جراب فيه نخالة ، فخرق الجراب حتى كان يتناثر منه النخالة طول الطريق ، فجاء به إلى دار زيد السمين ، وتركه على بابه ، وحمل الدرع إلى بيته ، فلما أصبح صاحب الدرع جاء على أثر النخالة إلى دار زيد السمين ، فأخذه وحمله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع يد زيد اليهودي . وقال مقاتل : إن زيداً السمين أودع درعاً عند طعمة فجحدها طعمة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } بالأمر ، والنهي ، والفصل .

قوله تعالى : { لتحكم بين الناس بما أراك الله } . بما علمك الله وأوحى إليك .

قوله تعالى : { ولا تكن للخائنين } . طعمة .

قوله تعالى : { خصيماً } معيناً . مدافعاً عنه .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا} (105)

105

( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق ، لتحكم بين الناس بما أراك الله ، ولا تكن للخائنين خصيما . واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما . ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم ، إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما . يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله . وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول - وكان الله بما يعملون محيطا . ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا ، فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ؟ أم من يكون عليهم وكيلا ؟ ) .

إننا نحس في التعبير صرامة ، يفوح منها الغضب للحق ، والغيرة على العدل ؛ وتشيع في جو الآيات وتفيض منها :

وأول ما يبدو هذا في تذكير رسول الله [ ص ] بتنزيل الكتاب إليه بالحق ليحكم بين الناس بما أراه الله .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا} (105)

{ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس } نزلت في طعمة بن أبيرق من بني ظفر ، سرق درعا من جاره قتادة بن النعمان في جراب دقيق ، فجعل الدقيق ينتثر من خرق فيه وخبأها عند زيد بن السمين اليهودي ، فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد ، وحلف ما أخذها وما له بها علم فتركوه واتبعوا أثر الدقيق حتى انتهى إلى منزل اليهودي فأخذوها . فقال دفعها إلى طعمة وشهد له ناس من اليهود فقالت بنو ظفر : انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إن لم تفعل هلك وافتضح وبرئ اليهودي فهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل { بما أراك الله } بما عرفك الله وأوحى به إليك وليس من الرؤية بمعنى العلم وإلا لاستدعى ثلاثة مفاعيل . { ولا تكن للخائنين } أي لأجلهم والذب عنهم { خصيما } للبرآء .