تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا} (105)

الآية 105

وقوله تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } ، قوله : { بالحق } يتوجه وجوها : ( يحتمل ){[6470]} بحق الله عليكم أنزل إليك الكتاب . ويحتمل بحق بعض على بعض أنزل إليك الكتاب{ لتحكم بين الناس } ، ويحتمل قوله : { بالحق } أي بالمحنة يمتحنهم بها ؛ إذ في عقل كل أحد ذلك ، وإهمال كل ذي لب( أن يأمر ){[6471]} ، ولا ينهى ، خروج عن الحكمة ، وأن يقولوا{[6472]} بالحق وبالعواقب لتكون لهم العاقبة .

وقوله تعالى : { بالحق } أي بالحق الذي لله أو لبعض( على ){[6473]} بعض أو لأمر كان{[6474]} ، وهو البعث ، ليعدل ، ويتزودوا بالذي يحمد عليه فاعله ؛ إذ الحق صفة لكل ما يحمد فاعله ، والباطل لما يذم . وقد يحتمل{ بالحق } بالعدل والصدق على الأمر من التغيير والتبديل ، والله الموفق .

وقوله تعالى : { لتكم بين الناس بما أراك الله } قيل : إن في الآية جواز الاجتهاد لأنه قال : { لتحكم بين الناس بما أراك الله } . ( دل قوله ){[6475]} : { لتحكم بين الناس بما أراك الله } بالكتاب أنه{[6476]} يحكم بما يريد به الله بالتدبر فيه والتأمل . لكن اجتهاده كالنص ، لأنه لا يخطئه{[6477]} ، لأنه أخبر أنه يريد ذلك ، فلا يحتمل أن يريد غير الصواب . وأما غيره من المجتهدين فيجوز أن يكون صوابا ، ويجوز أن يكون خطأ ، لأنه لا ينكر أن يكون الشيطان هو الذي أراه ذلك ، فيكون خطأ ، فلا يجوز أن يشهد عليه بالصواب . ما لم يظهر . وأما اجتهاده صلى الله عليه وسلم ، فهو كله يكون صوابا لأن الله تعالى هو الذي أراه ذلك ، فيشهد أنه صواب .

وقوله تعالى : { ولا تكن للخائنين خصيما } قال أكثر أهل التفسير : إنه هم أن يقوي سارق يقال له : طعمه ( بن أبيرق ){[6478]} ويصدقه في قوله ، فنزل قوله تعالى : { ولا تكن للخائنين خصيما } . فلو لم يقولوا ذلك كان أوفق وأحسن ؛ فإن كان ما قالوا فذلك لما تظهر منه الخيانة عنده ؛ إذ ذكر في القصة أنه وجد السرقة في دار غيره . فلئن كان ذلك فإنما كان لما ذكرنا .

وأما النهي عن أن يكون{ للخائنين خصيما } نهي ، وإن كان يعلم أنه لا يكون لما عصمه الله كقوله تعالى : { ولا تكونن من المشركين } ( الأنعام : 14و . . . )( وقوله ){[6479]} { فلا تكونن من الممترين } ( البقرة : 147 ) وإن كان عصمه من أن يكون منهم . والعصمة إنما تنفع إذا كان ثمة أمر ونهي . فأما إذا لم يكن ثمة أمر ولا نهي ، فلا معنى للعصمة ( وبالله ){[6480]} التوفيق .


[6470]:ساقطة من الأصل وم.
[6471]:في الأصل وم: لا يؤمر.
[6472]:في الأصل وم: يقال.
[6473]:من م، ساقطة من الأصل.
[6474]:في الأصل وم: كانت.
[6475]:أدرج بعدها في الأصل وم: ولكن تقول له.
[6476]:أدرج قبلها في الأصل وم: دل.
[6477]:في الأصل وم: يخصه.
[6478]:ساقطة من الأصل وم.
[6479]:ساقطة من الأصل وم.
[6480]:ساقطة من الأصل وم.