وقوله تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } ، قوله : { بالحق } يتوجه وجوها : ( يحتمل ){[6470]} بحق الله عليكم أنزل إليك الكتاب . ويحتمل بحق بعض على بعض أنزل إليك الكتاب{ لتحكم بين الناس } ، ويحتمل قوله : { بالحق } أي بالمحنة يمتحنهم بها ؛ إذ في عقل كل أحد ذلك ، وإهمال كل ذي لب( أن يأمر ){[6471]} ، ولا ينهى ، خروج عن الحكمة ، وأن يقولوا{[6472]} بالحق وبالعواقب لتكون لهم العاقبة .
وقوله تعالى : { بالحق } أي بالحق الذي لله أو لبعض( على ){[6473]} بعض أو لأمر كان{[6474]} ، وهو البعث ، ليعدل ، ويتزودوا بالذي يحمد عليه فاعله ؛ إذ الحق صفة لكل ما يحمد فاعله ، والباطل لما يذم . وقد يحتمل{ بالحق } بالعدل والصدق على الأمر من التغيير والتبديل ، والله الموفق .
وقوله تعالى : { لتكم بين الناس بما أراك الله } قيل : إن في الآية جواز الاجتهاد لأنه قال : { لتحكم بين الناس بما أراك الله } . ( دل قوله ){[6475]} : { لتحكم بين الناس بما أراك الله } بالكتاب أنه{[6476]} يحكم بما يريد به الله بالتدبر فيه والتأمل . لكن اجتهاده كالنص ، لأنه لا يخطئه{[6477]} ، لأنه أخبر أنه يريد ذلك ، فلا يحتمل أن يريد غير الصواب . وأما غيره من المجتهدين فيجوز أن يكون صوابا ، ويجوز أن يكون خطأ ، لأنه لا ينكر أن يكون الشيطان هو الذي أراه ذلك ، فيكون خطأ ، فلا يجوز أن يشهد عليه بالصواب . ما لم يظهر . وأما اجتهاده صلى الله عليه وسلم ، فهو كله يكون صوابا لأن الله تعالى هو الذي أراه ذلك ، فيشهد أنه صواب .
وقوله تعالى : { ولا تكن للخائنين خصيما } قال أكثر أهل التفسير : إنه هم أن يقوي سارق يقال له : طعمه ( بن أبيرق ){[6478]} ويصدقه في قوله ، فنزل قوله تعالى : { ولا تكن للخائنين خصيما } . فلو لم يقولوا ذلك كان أوفق وأحسن ؛ فإن كان ما قالوا فذلك لما تظهر منه الخيانة عنده ؛ إذ ذكر في القصة أنه وجد السرقة في دار غيره . فلئن كان ذلك فإنما كان لما ذكرنا .
وأما النهي عن أن يكون{ للخائنين خصيما } نهي ، وإن كان يعلم أنه لا يكون لما عصمه الله كقوله تعالى : { ولا تكونن من المشركين } ( الأنعام : 14و . . . )( وقوله ){[6479]} { فلا تكونن من الممترين } ( البقرة : 147 ) وإن كان عصمه من أن يكون منهم . والعصمة إنما تنفع إذا كان ثمة أمر ونهي . فأما إذا لم يكن ثمة أمر ولا نهي ، فلا معنى للعصمة ( وبالله ){[6480]} التوفيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.