تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{إِنَّآ أَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ بِٱلۡحَقِّ لِتَحۡكُمَ بَيۡنَ ٱلنَّاسِ بِمَآ أَرَىٰكَ ٱللَّهُۚ وَلَا تَكُن لِّلۡخَآئِنِينَ خَصِيمٗا} (105)

{ إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق } ، وذلك أن يهوديا يسمى زيد بن السمين ، كان استودع طعمة بن أبيرق الأنصاري من الأوس من بني ظفر بن الحارث درعا من حديد ، ثم إن زيدا اليهودي طلب درعه فجحده طعمة ، فقال زيد لقومه : قد ذكر لي أن الدرع عنده ، فانطلقوا حتى نلتمس داره ، فاجتمعوا ليلا فأتوا داره ، فلما سمع جلبة القوم أحس قلبه أن القوم جاءوا من أجل الدرع ، فرمى به في دار أبي مليك ، فدخل القوم داره ، فلم يجدوا الدرع ، فاجتمع الناس .

ثم إن طعمة اطلع في دار أبي مليك ، فقال : هذا درع في دار أبي مليك ، فلا أدري هي لكم أم لا ؟ فأخذوا الدرع ، ثم إن قوم طعمة ، قتادة بن النعمان وأصحابه ، قالوا : انطلقوا بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلنبرئ صاحبنا ، ونقول : إنهم أتونا ليلا ففضحونا ، ولم يكن معهم رسول من قبلك ونأمرهم أن يبرءوا صاحبنا لتنقطع ألسنة الناس عنا بما قذفونا به ، ونخبره أنها وجدت في دار أبي مليك ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخبروه فصدق النبي صلى الله عليه وسلم طعمة وأبرأه من ذلك ، وهو يرى أنهم قد صدقوا ، فأنزل الله تعالى : { إنا أنزلنا إليك الكتاب } ، يعني القرآن { بالحق } لم ننزله باطلا عبثا لغير شيء ، { لتحكم } ، يعني لكي تحكم { بين الناس بما أراك الله } ، يعني بما علمك الله في كتابه ، كقوله سبحانه : { ويرى الذين أوتوا العلم } ( سبأ : 6 ) ، { ولا تكن للخائنين خصيما } ، يعني طعمة .