معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

قوله تعالى : { ذلك } الذي ذكرنا ، { مما أوحى إليك ربك من الحكمة } . وكل ما أمر الله به أو نهى عنه فهو حكمه . { ولا تجعل مع الله إلهاً آخر } ، خاطب النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآيات والمراد منه الأمة ، { فتلقى في جهنم ملوماً مدحوراً } ، مطروداً مبعداً من كل خير .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

22

ويختم الأوامر والنواهي كما بدأها بربطها بالله وعقيدة التوحيد والتحذير من الشرك . وبيان أنها بعض الحكمة التي يهدي إليها القرآن الذي أوحاه الله إلى الرسول :

( ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا ) .

وهو ختام يشبه الابتداء . فتجيء محبوكة الطرفين ، موصولة بالقاعدة الكبرى التي يقيم عليها الإسلام بناء الحياة ، قاعدة توحيد الله وعبادته دون سواه . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

يقول تعالى : هذا الذي أمرناك به من الأخلاق الجميلة ، ونهيناك عنه من الصفات الرذيلة ، مما أوحينا إليك يا محمد لتأمر به الناس .

{ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا } أي : تلومك نفسك [ ويلومك الله ]{[17514]} والخلق . { مَدْحُورًا } . قال ابن عباس وقتادة : مطرودًا .

والمراد من هذا الخطاب الأمة بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه صلوات الله وسلامه عليه معصوم .


[17514]:زيادة من ت، ف، أ.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

{ ذلك مِمَّآ أوحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحكمة }

عدل عن مخاطبة الأمة بضمائر جمع المخاطبين وضمائر المخاطَب غير المعين إلى خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ردًّا إلى ما سبق في أول هذه الآيات من قوله : { وقضى ربك } الخ [ الإسراء : 23 ] . وهو تذييل معترض بين جمل النهي . والإشارة إلى جميع ما ذكر من الأوامر والنواهي صراحةً من قوله : { وقضى ربك } [ الإسراء : 23 ] .

وفي هذا التذييل تنبيه على أنّ ما اشتملت عليه الآيات السبع عشرةَ هو من الحكمة ، تحريضاً على اتباع ما فيها وأنه خير كثير . وفيه امتنان على النبي بأن الله أوحى إليه ، فذلك وجه قوله : مما أوحى إليك تنبيهاً على أن مثل ذلك لا يصل إليه الأميون لولا الوحي من الله ، وأنه علمه ما لم يكن يعلم وأمره أن يعلمه الناس .

والحكمة : معرفة الحقائق على ما هي عليه دون غلط ولا اشتباه ، وتطلق على الكلام الدال عليها . وتقدم في قوله تعالى : { يؤتي الحكمة من يشاء } [ البقرة : 269 ] .

{ ولا تجعل مع الله إلاها ءاخر فتلقى في جهنم ملة مدحورا }

عطف على جمل النهي المتقدمة ، وهذا تأكيد لمضمون جملة { ألا تعبدوا إلا إياه } [ الإسراء : 23 ] ، أعيد لقصد الاهتمام بأمر التوحيد بتكرير مضمونه وبما رتب عليه من الوعيد بأن يجازى بالخلود في النار مهانا .

والخطاب لغير معين على طريقة المنهيات قبله ، وبقرينة قوله عقبه : { أفأصفاكم ربكم بالبنين } الآية [ الإسراء : 40 ] .

والإلقاء : رمْي الجسم من أعلى إلى أسفل ، وهو يؤذن بالإهانة .

والملوم : الذي يُنكر عليه ما فعله .

والمدحور : المطرود ، أي المطرود من جانب الله ، أي مغضوب عليه ومبعد من رحمته في الآخرة .

و تُلقى منصوب في جواب النهي بفاء السببية والتسبب على المنهي عنه ، أي فيتسبب على جعلك مع الله إلهاً آخر إلقاؤك في جهنَم .