مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{ذَٰلِكَ مِمَّآ أَوۡحَىٰٓ إِلَيۡكَ رَبُّكَ مِنَ ٱلۡحِكۡمَةِۗ وَلَا تَجۡعَلۡ مَعَ ٱللَّهِ إِلَٰهًا ءَاخَرَ فَتُلۡقَىٰ فِي جَهَنَّمَ مَلُومٗا مَّدۡحُورًا} (39)

{ ذلك } إشارة إلى ما تقدم من قوله : { لاَّ تَجْعَل مَعَ الله إلها ءاخَرَ } إلى هذه الغاية { مِمَّا أوحى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الحكمة } مما يحكم العقل بصحته وتصلح النفس بأسوته { وَلاَ تَجْعَلْ مَعَ الله إلها ءاخَرَ فتلقى فِى جَهَنَّمَ مَلُومًا مَّدْحُورًا } مطروداً من الرحمة . عن ابن عباس رضي الله عنهما : هذه الثماني عشرة آية كانت في ألواح موسى عليه السلام أولها : { لا تجعل مع الله إلها آخر } وآخرها { مدحوراً } ولقد جعلت فاتحتها وخاتمتها النهي عن الشرك لأن التوحيد رأس كل حكمة وملاكها ، ومن عدمه لم تنفعه حكمة وإن بذ فيها الحكماء وحك بيافوخه السماء ، وما أغنت عن الفلاسفة أسفار الحكم وهم عن دين الله أضل من النعم .