معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

{ بل الإنسان على نفسه بصيرة } قال عكرمة ، ومقاتل ، والكلبي : معناه بل الإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه ويشهدون عليه بعمله ، وهو سمعه وبصره وجوارحه ، ودخل " الهاء " في البصيرة لأن المراد بالإنسان ها هنا جوارحه ، ويحتمل أن يكون معناه { بل الإنسان على نفسه بصيرة } يعني : لجوارحه ، فحذف حرف الجر كقوله : { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم }( البقرة- 233 ) أي لأولادكم . ويجوز أن يكون نعتاً لاسم مؤنث أي بل الإنسان على نفسه عين بصيرة . وقرأ أبو العالية ، وعطاء : بل الإنسان على نفسه شاهد ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس ، " والهاء " في { بصيرة } للمبالغة ، دليل هذا التأويل . قوله عز وجل : { كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً } ( الإسراء- 14 ) .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

ومهما اعتذر الإنسان بشتى المعاذير عما وقع منه ، فلن يقبل منها عذر ، لأن نفسه موكولة إليه ، وهو موكل بها ، وعليه أن يهديها إلى الخير ويقودها . فإذا انتهى بها إلى الشر فهو مكلف بها وحجة عليها :

( بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره ) . .

ومما يلاحظ أن كل شيء سريع قصير : الفقر . والفواصل . والإيقاع الموسيقي . والمشاهد الخاطفة . وكذلك عملية الحساب : ( ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر )هكذا في سرعة وإجمال . . ذلك أنه رد على استطالة الأمد والاستخفاف بيوم الحساب !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

أي : هو شهيد على نفسه ، عالم بما فعله ولو اعتذر وأنكر ، كما قال تعالى : { اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا } [ الإسراء : 14 ] .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { بَلِ الإنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } يقول : سمعُه وبصرُه ويداه ورجلاه وجوارحُه .

وقال قتادة : شاهد على نفسه . وفي رواية قال : إذا شئت - والله - رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم غافلا عن ذنوبه ، وكان يقال : إن في الإنجيل مكتوبا : يا ابن آدم ، تُبصر القَذَاة في عين أخيك ، وتترك الجِذْل{[29544]} في عينك لا تبصره .


[29544]:- (1) في م: "وتترك الجذع".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

وقوله : بَل الإنْسانُ على نَفْسِه بَصِيرَةٌ يقول تعالى ذكره : بل للإنسان على نفسه من نفسه رقباء يرقبونه بعمله ، ويشهدون عليه به . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ يقول : سمعه وبصره ويداه ورجلاه وجوارحه .

والبصيرة على هذا التأويل ما ذكره ابن عباس من جوارح ابن آدم وهي مرفوعة بقوله عَلى نَفْسِهِ ، والإنسان مرفوع بالعائد من ذكره في قوله : نفسه .

وقال آخرون : بل معنى ذلك : بل الإنسان شاهد على نفسه وحده ومن قال هذا القول جعل البصيرة خبرا للإنسان ، ورفع الإنسان بها . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ يقول : الإنسان شاهد على نفسه وحده .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قوله : بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ قال : شاهد عليها بعملها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إذا شئت والله رأيته بصيرا بعيوب الناس وذنوبهم ، غافلاً عن ذنوبه قال : وكان يقال : إن في الإنجيل مكتوبا : يا ابن آدم تبصر القذاة في عين أخيك ، ولا تبصر الجذع المعترض في عينك .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : بَلِ الإنْسانُ على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ قال : هو شاهد على نفسه ، وقرأ : اقْرأْ كِتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبا .

ومن قال هذه المقالة يقول : أدخلت الهاء في قوله بَصِيرَةٌ وهي خبر للإنسان ، كما يقال للرجل : أنت حجة على نفسك ، وهذا قول بعض نحويي البصرة . وكان بعضهم يقول : أدخلت هذه الهاء في بصيرة وهي صفة للذكر ، كما أدخلت في راوية وعلامة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

وقوله تعالى : { بل الإنسان } إضراب بمعنى الترك لا على معنى إبطال القول الأول ، و { بصيرة } يحتمل أن يكون خبراً عن الإنسان ولحقته هاء التأنيث كما لحقت علامة ونسابة ، والمعنى فيه وفي عقله وفطرته حجة وطليعة وشاهد مبصر على نفسه ، والهاء للتأنيث ، ويراد ب «البصيرة » جوارحه أو الملائكة الحفظة وهذا تأويل ابن عباس .