فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{بَلِ ٱلۡإِنسَٰنُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ بَصِيرَةٞ} (14)

{ بَلِ الإِنسان على نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } ارتفاع بصيرة على أنها خبر الإنسان ، على نفسه متعلق ببصيرة . قال الأخفش : جعله هو البصيرة ، كما تقول للرجل : أنت حجة على نفسك . وقيل المعنى : إن جوارحه تشهد عليه بما عمل كما في قوله : { يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ النور : 24 ] وأنشد الفرّاء :

كأن على ذي العقل عينا بصيرة *** بمقعده أو منظر هو ناظر

فيكون المعنى : بل جوارح الإنسان عليه شاهدة . قال أبو عبيدة والقتيبي : إن هذه الهاء في بصيرة هي التي يسميها أهل الإعراب هاء المبالغة ، كما في قولهم : علامة . وقيل : المراد بالبصيرة الكاتبان اللذان يكتبان ما يكون منه من خير وشرّ ، والتاء على هذا للتأنيث . وقال الحسن : أي بصير بعيوب نفسه .

/خ25