قوله تعالى : { ومن أظلم ممن افترى } ، أي : اختلق .
قوله تعالى : { على الله كذباً } ، فزعم أن الله تعالى بعثه نبياً .
قوله تعالى : { أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء } ، قال قتادة : نزلت في مسيلمة الكذاب ، وكان يسجع ويتكهن ، فادعى النبوة ، وزعم أن الله أوحى إليه ، وكان قد أرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما : أتشهدان أن مسيلمة نبي ؟ قالا : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما .
أخبرنا حسان بن سعيد المنيعي ، أنا أبو طاهر الزيادي ، أنا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، أنا أحمد بن يوسف السلمي ، أنا عبد الرزاق ، أنا معمر ، عن همام بن منبه ، أنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( بينما أنا نائم إذ أوتيت خزائن الأرض ، فوضع في يدي سواران من ذهب ، فكبرا علي ، وأهماني ، فأوحي إلى أن انفخهما ، فنفختهما فذهب . فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما ، صاحب صنعاء وصاحب اليمامة ) .
أراد بصاحب صنعاء الأسود العنسي ، وبصاحب اليمامة مسيلمة الكذاب .
قوله تعالى : { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } ، قيل : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وكان قد أسلم ، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا أملى عليه : سميعاً بصيراً ، كتب عليماً حكيماً ، وإذا قال : عليماً حكيماً ، كتب : غفوراً رحيماً ، فلما نزلت : { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } [ المؤمنون :12 ] أملاها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان ، فقال : تبارك الله أحسن الخالقين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : اكتبها فهكذا نزلت ، فشك عبد الله ، وقال : لئن كان محمد صادقاً لقد أوحي إلي كما أوحي إليه ، فارتد عن الإسلام ، ولحق بالمشركين ، ثم رجع عبد الله إلى الإسلام قبل فتح مكة ، إذ نزل النبي صلى الله عليه وسلم بمر الظهران . وقال ابن عباس : قوله : { ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله } ، يريد المستهزئين ، وهو جواب لقولهم : { لو نشاء لقلنا مثل هذا } .
قوله تعالى : { ولو ترى } ، يا محمد .
قوله تعالى : { إذ الظالمون في غمرات الموت } ، سكراته ، وهي جمع غمرة ، وغمرة كل شيء معظمه ، وأصلها : الشيء الذي يغمر الأشياء فيغطيها ، ثم وضعت في موضع الشدائد والمكاره .
قوله تعالى : { والملائكة باسطوا أيديهم } ، بالعذاب والضرب ، يضربون وجوههم وأدبارهم ، وقيل بقبض الأرواح .
قوله تعالى : { أخرجوا } ، أي : يقولون أخرجوا .
قوله تعالى : { أنفسكم } ، أي : أرواحكم كرهاً ، لأن نفس المؤمن تنشط للقاء ربه ، والجواب محذوف ، يعني : لو تراهم في هذه الحال لرأيت عجباً .
قوله تعالى : { اليوم تجزون عذاب الهون } ، أي : الهوان .
قوله تعالى : { بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } ، تتعظمون عن الإيمان بالقرآن ولا تصدقونه .
ويختم هذه الجولة المتلاحقة الأشواط بمشهد حي شاخص متحرك مكروب رعيب . . مشهد الظالمين . . [ رأي المشركين ] الذين يفترون على الله الكذب ، أو يدعون أنهم أوحي إليهم ادعاء لا حقيقة له . أو يزعمون أنهم مستطيعون أن يأتوا بمثل هذا القرآن . . مشهد هؤلاء الظالمين - الذين لا يقاس إلى ظلمهم هذا ظلم - وهم في غمرات الموت ، والملائكة باسطو أيديهم إليهم بالعذاب ، ويطلبون أرواحهم . والتأنيب يجبه وجوههم ، وقد تركوا كل شيء وراءهم وضل عنهم شركاؤهم .
( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا ، أو قال : أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ، ومن قال : سأنزل مثل ما أنزل الله ؟ ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت ، والملائكة باسطو أيديهم : أخرجوا أنفسكم . اليوم تجزون عذاب الهون ، بما كنتم تقولون على الله غير الحق ، وكنتم عن آياته تستكبرون . ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة ، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء ! لقد تقطع بينكم ، وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) . .
وقد ورد عن قتادة وابن عباس - رضي الله عنهم - أن الآية نزلت في مسيلمة الكذاب وسجاح بنت الحارث زوجته والأسود العنسي ؛ وهم الذين تنبأوا في حياة الرسول [ ص ] وادعوا أن الله أوحى إليهم . أما الذين قال سأنزل مثلما أنزل الله - أو قال أوحي إلي كذلك - ففي رواية عن ابن عباس أنه عبدالله بن سعد بن أبي سرح ، وكان أسلم وكتب الوحي لرسول الله [ ص ] وأنه لما نزلت الآية التي في " المؤمنون " : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ) دعاه النبي [ ص ] فأملاها عليه فلما انتهى إلى قوله : ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) عجب عبدالله في تفصيل خلق الإنسان فقال : ( تبارك الله أحسن الخالقين ) . فقال : رسول الله [ ص ] : " هكذا أنزلت علي " . . فشك عبدالله حينئذ وقال : لئن كان محمد صادقا لقد أوحى إلي كما أوحى إليه ، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال ! فارتد عن الإسلام ، ولحق بالمشركين . فذلك قوله : ( ومن قال : سأنزل مثل ما أنزل الله ) [ رواه الكلبي عن ابن عباس ] . .
والمشهد الذي يرسمه السياق في جزاء هؤلاء الظالمين [ أي المشركين ] مشهد مفزع مرعب مكروب مرهوب . الظالمون في غمرات الموت وسكراته - ولفظ غمرات يلقي ظله المكروب - والملائكة يبسطون إليهم أيديهم بالعذاب ، وهم يطلبون أرواحهم للخروج ! وهم يتابعونهم بالتأنيب :
( ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم : أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق ، وكنتم عن آياته تستكبرون . . )
وجزاء الاستكبار العذاب المهين ، وجزاء الكذب على الله هذا التأنيب الفاضح . . وكله مما يضفي على المشهد ظلالا مكروبة ، تأخذ بالخناق من الهول والكآبة والضيق !
يقول تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا } أي : لا أحد أظلم ممن كذب على الله ، فجعل له شريكا أو ولدا ، أو ادعى أن الله أرسله إلى الناس ولم يكن أرسله ؛ ولهذا قال تعالى : { أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ }
قال عِكْرِمة وقتادة : نزلت في مسيلمة الكذاب [ لعنه الله ]{[10964]}
{ وَمَنْ قَالَ سَأُنزلُ مِثْلَ مَا أَنزلَ اللَّهُ } يعني : ومن ادعى أنه يعارض ما جاء من عند الله من الوحي مما يفتريه من القول ، كما قال تعالى : { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا [ إِنْ هَذَا إِلا أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ ]{[10965]} } [ الأنفال : 31 ] ، قال الله : { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ } أي : في سكراته وغمراته وكُرُباته ، { وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } أي : بالضرب كما قال : { لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي [ مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ ] }{[10966]} الآية [ المائدة : 28 ] ، وقال : { وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ } الآية [ الممتحنة : 2 ] .
وقال الضحاك ، وأبو صالح : { بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } أي : بالعذاب . وكما قال [ تعالى ]{[10967]} { وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } [ الأنفال : 50 ] ؛ ولهذا قال : { وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ } أي : بالضرب لهم حتى تخرج أنفسهم من أجسادهم ؛ ولهذا يقولون لهم : { أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ } وذلك أن الكافر إذا احتضر بشرته الملائكة بالعذاب والنَّكال ، والأغلال والسلاسل ، والجحيم والحميم ، وغضب الرحمن الرحيم ، فتتفرق روحه في جسده ، وتعصى وتأبى الخروج ، فتضربهم الملائكة حتى تخرج أرواحهم من أجسادهم ، قائلين لهم : { أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ [ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ] }{[10968]} أي : اليوم تهانون غاية الإهانة ، كما كنتم تكذبون على الله ، وتستكبرون عن اتباع آياته ، والانقياد لرسله .
وقد وردت أحاديث [ متواترة ]{[10969]} في كيفية احتضار المؤمن والكافر ، وهي مقررة عند قوله تعالى : { يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } [ إبراهيم : 27 ] .
وقد ذكر ابن مَرْدُوَيه هاهنا حديثا مطولا جدا من طريق غريبة ، عن الضحاك ، عن ابن عباس مرفوعا ، فالله أعلم{[10970]}
القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوْحِيَ إِلَيّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ اللّهُ وَلَوْ تَرَىَ إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلآئِكَةُ بَاسِطُوَاْ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوَاْ أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ غَيْرَ الْحَقّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } . .
يعني جلّ ذكره بقوله : وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنْ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا : ومن أخطأُ قولاً وأجهلُ فعلاً ممن افترى على الله كذبا ، يعني : ممن اختلق على الله كذبا ، فادّعى عليه أنه بعثه نبيا وأرسله نذيرا ، وهو في دعواه مبطل وفي قيله كاذب . وهذا تسفيه من الله لمشركي العرب وتجهيل منه لهم في معارضة عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح والحنفي مُسَيْلِمة لنبيّ الله صلى الله عليه وسلم بدعوى أحدهما النبوّة ودعوى الاَخر أنه قد جاء بمثل ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونفي منه عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم اختلاق الكذب عليه ودعوى الباطل .
وقد اختلف أهل التأويل في ذلك ، فقال بعضهم فيه نحو الذي قلنا فيه . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ، قوله : وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلَمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ قال : نزلت في مسيلمة أخي بني عديّ بن حنيفة فيما كان يسجّع ويتكهن به . وَمَنْ قالَ سأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ الله نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح ، أخي بني عامر بن لؤي ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان فيما يُملِي «عزيز حكيم » ، فيكتب «غفور رحيم » ، فيغيره ، ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حوّل ، فيقول : «نَعَمْ سواء » فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم : لقد كان ينزل عليه «عزيز حكيم » ، فأحوّله ثم أقول لما أكتب ، فيقول نعم سواء ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة ، إذ نزل النبيّ صلى الله عليه وسلم بمَرّ .
وقال بعضهم : بل نزل ذلك في عبد الله بن سعد خاصة . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على اللّهِ كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ . . . إلى قوله : تُجْزَوْنَ عذَابَ الهُونِ قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح أسلم ، وكان يكتب للنبيّ صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أملى عليه «سميعا عليما » ، كتب هو : «عليما حكيما » وإذا قال : «عليما حكيما » كتب : «سميعا عليما » . فشكّ وكفر ، وقال : إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحيَ إليّ ، وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ، قال محمد : «سميعا عليما » ، فقلت أنا : «عليما حكيما » . فلحق بالمشركين ، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرميّ أو لبني عبد الدار ، فأخذوهم فعذّبوا حتى كفروا . وجُدع أذن عمار يومئذ ، فانطلق عمار إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم ، فأخبره بما لقي والذي أعطاهم من الكفر ، فأبى النبيّ صلى الله عليه وسلم أن يتولاه ، فأنزل الله في شأن ابن أبي سَرح وعمار وأصحابه : مَنْ كَفَرَ باللّهِ مِنْ بَعْدِ إيمَانِهِ إلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنّ بالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بالكُفْرِ صَدْرًا فالذي أُكره عمار وأصحابه ، والذي شرح بالكفر صدرا فهو ابن أبي سرح .
وقال آخرون : بل القائل : أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ مسيلمة الكذّاب . ذكر من قال ذلك :
حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللّهُ ذكر لنا أن هذه الاَية نزلت في مسيلمة . ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم قال : «رأيْتُ فِيما يَرَى النّائمُ كأنّ فِي يَدِي سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فكَبُرَا عَليّ وأهمّانِي ، فَأُوحِيَ إليّ أنِ انْفُخْهُما ، فنَفَخْتُهُما فَطارَا ، فَأوّلْتُهُما فِي مَنامي الكَذّابَيْنِ اللّذَيْنِ أنا بَيْنَهُما : كَذّابُ اليَمامَةِ مُسَيْلِمَةُ ، وكذّابُ صَنْعاءَ العَنْسِيّ » وكان يقال له الأسود .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : أُوحِيَ إليّ وَلم يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ قال : نزلت في مسيلمة .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، وزاد فيه : وأخبرني الزهري أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «بَيْنا أنا نائمٌ رأيْتُ فِي يَدِي سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ ، فَكَبُرَ ذلكَ عَليّ ، فَأُوحِيَ إليّ أنِ انْفُخْهُما ، فَنَفَخْتُهُما فَطارَا ، فَأوّلْت ذلكَ كَذّابَ اليَمامَةِ ، وكَذّابَ صَنْعاءَ العَنسِيّ » .
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب ، أن يقال : إن الله قال : وَمَنْ أظْلَمُ مِمّنِ افْتَرَى على الله كَذِبا أوْ قالَ أُوحِيَ إليّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ ولا تَمَانُعَ بين علماء الأمة أن ابن أبي سرح كان ممن قال : إني قد قلت مثل ما قال محمد ، وأنه ارتدّ عن إسلامه ولحق بالمشركين . فكان لا شكّ بذلك من قيله مفتريا كذبا . وكذلك لا خلاف بين الجميع أن مسيلمة والعنسيّ الكذّابين ادّعيا على الله كذبا أنه بعثهما نبيين ، وقال كلّ واحد منهما : إن الله أوحي إليه وهو كاذب في قيله .
فإذا كان ذلك كذلك فقد دخل في هذه الآية كل من كان مختلقاً على الله كذباً وقائلاً في ذلك الزمان وفي غيره أوحى الله إليه ، وهو في قيله كاذب لم يوح الله إليه شيئاً فأما التنزيل فإنه جائز أن يكون نزل بسبب بعضهم وجائز أن يكون نزل بسبب جميعهم وجائز أن يكون عُني به جميع المشركين من العرب إذ كان قائلو ذلك منهم فلم يغيروه فعيرهم الله بذلك وتوعدهم بالعقوبة على تركهم نكير ذلك ومع تركهم نكيره هم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مكذبون ولنبوته جاحدون ولآيات كتاب الله وتنزيله دافعون ، فقال لهم جل ثناؤه : ومن أظلم ممن ادعى على النبوّة كاذباً وقال { أوحيَ إليَّ وَلمْ يُوحَ إلَيْهِ شَيْءٌ } ومع ذلك يقول { ما أنْزَلَ اللّهُ على بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ } فينقض قوله بقوله ويكذب بالذي تحققه وينفى ما يثبته وذلك إذا تدبره العاقل إلا ريب علم أن فاعله من عقله عديم وقد رُوِي عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله { وَمَنْ قالَ سأُنْزِلُ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللّهُ } ما .
حدثني محمد ابن سعد قال ثني أبي قال ثني عمي قال ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله : { وَمَنْ قالَ سأُنْزِلَ مِثْلَ ما أنْزَلَ اللّهُ } قال زعم أنه لو شاء قال مثله يعني الشعر .
فكان ابن عباس في تأويله هذا على ما تأوله يوجه معنى قول قائل : سأنزل مثل ما أنزل الله إلى سأنزل مثل ما قال الله من الشعر . وكذلك تأوّله السديّ وقد ذكرنا الرواية عنه قبل فيما مضى .
القول في تأويل قوله { وَلَوْ َتَرى إذِ الظَّالِمُونَ في غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ } .
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم ولو ترى يا محمد حين يغمر الموت بسكراته هؤلاء الظالمين العادلين بربهم الآلهَة والأنداد ، والقائلين ما أنزل الله على بشر من شيء ، والمفترين على الله كذباً ، الزاعمين أن الله أوحى إليه ولم يوحَ إليه شيء ، والقائلين سأنزل مثل ما أنزل الله فتعاينهم وقد غشيتهم سكرات الموت ، ونزل بهم أمر الله ، وحان فناء آجالهم ، والملائكة باسطو أيديهم يضربون وجوههم وأدبارهم ، كما قال جل ثناؤه : فَكَيْفَ إذَا تَوَفَّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدْبارَهم ذلكَ بأنَّهُمْ اتَّبَعُوا ما أسْخَطَ اللّهَ وَكّرِهُوا رِضْوَانَهُ يقولون لهم : أخْرِجُوا أنْفسَكُمْ والغمرات : جمع غمرة ، وغمرة كل شيء : كثرته ومعظمه ، وأصله : الشيء الذي يغمر الأشياء فيغطيها ومنه قول الشاعر :
وهل ينجى من الغمرات إلا *** بَرَاكاءُ القتال أو الفِرَارُ
ورُوِي عن ابن عباس في ذلك ، ما :
حدثنا القاسم قال ثنا الحسين قال ثنى حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس قوله { وَلَوْ تَرَى إذ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ } قال : سكرات الموت .
حدُثت عن الحسين بن الفرج ، قال سمعت أبا معاذ ، قال : ثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله { فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ } يعني سكرات الموت .
وأما بسط الملائكة أيديهم فإنه مدّها . ثم اختلف أهل التأويل في سبب بسطها أيديها عند ذلك ، فقال بعضهم بنحو الذي قلنا في ذلك . ذكر من قال ذلك .
حدثني المثنى ، قال : ثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية بن صالح ، عن عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس ، قوله : { وَلَوْ تْرىَ إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ المَوْتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطُو أيْدِيهِمْ } قال : هذا عند الموت .
والبسْط الضرب يضربون وجوههم وأدبارهم .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال ثني عمي : قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله { وَلَوْ تَرَى إذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ المَوْتِ وَالمَلائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِمْ } يقول : الملائكة باسطوا أيديهم ، يضربون وجوههم وأدبارهم . والظالمون في غمرات الموت ، وملك الموت يتوفاهم .
حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط : عن السدّي : { وَالمَلائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِمْ } يضربونهم .
وقال آخرون بل بسطها أيديها بالعذاب . ذكر من قال ذلك .
حدثنا ابن وكيع ، قال : ثنا أبو خالد الأحمر ، عن جويبر ، عن الضحاك : { وَالمَلائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِمْ } قال : بالعذاب .
حدثني المثنى ، قال : ثنا إسحاق ، قال : ثنا عبد الله بن الزبير ، عن ابن عيينة ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح { وَالمَلائِكَةُ باسِطُوا أيْدِيهِمْ } بالعذاب .
وكان بعض نحوتي الكوفيين يتأوّل ذلك بمعنى : باسطو أيديهم بإخراج أنفسهم .
فإن قال قائل ما وجه قوله { أخْرِجُوا أنْفُسَكُمْ } ونفوس بني آدم إنما يخرجها من أبدان أهلها ربّ العالمين ؟ فكيف خوطب هؤلاء الكفار ، وأمروا في حال الموت بإخراج أنفسهم فإن كان ذلك كذلك فقد وجب أن يكون بنو آدم هم يقبضون أنفس أجسامهم ؟ قيل : إن معنى ذلك بخلاف الذي ذهبتَ ، وإنما ذلك أمر من الله على ألسن رسله الذين يقبضون أرواح هؤلاء القوم من أجسامهم ، بأداء ما أسكنها ربها من الأرواح إليه وتسليمها إلى رسله الذين يتوفونها .
القول في تأويل قوله { اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ على اللّهِ غيرَ الحَقّ وكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ } .
وهذا خبر من الله جلّ ثناؤه عما تقول رسل الله التي تقبض أرواح هؤلاء الكفار لها ، يخبر عنها أنها تقول لأجسامها ولأصحابها : أخرجوا أنفسكم إلى سخط الله ولعنته : ، فإنكم اليوم تثابون على كفركم بالله ، وقيلكم عليه الباطل ، وزعمكم أن الله أوحى إليكم ولم يوح إليكم شيئاً ، وإنذاركم أن يكون الله أنزل على بشر شيئاً ، واستكباركم عن الخضوع لأمر الله وأمر رسوله والانقياد لطاعته . { عَذَابَ الهُونِ } وهو عذاب جهنم الذي يهينهم فيذلهم ، حتى يعرفوا صغَار أنفسهم وذلتها . كما :
حدثني محمد بن الحسين ، قال : ثنا أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط ، عن السدّي : أما { عَذَابَ الهُونِ } فالذي يهينهم .
حدثنا القاسم ، قال : ثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج : { اليَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهُونِ } قال : عذاب الهُون في الآخرة بما كنتم تعملون .
والعرب إذا أرادت بالهُون معنى الهوان ضمت الهاء ، وإذا أرادت به الرفق والدَّعة وخفة المَئونة فتحت الهاء ، فقالوا : هو قليل هَوْن المئونة ومنه قول الله : الَّذِينَ يَمْشُونَ على الأرْضِ هَوْناً يعني : بالرفق والسكينة والوقار ومنه قول المثنى بن جندل الطُّهَوي .
وَنَقْض أيَّامٍ نَقَضْنَ أسْرَهُ*** هَوْناً وألْقَى كُلُّ شَيْخٍ فَخْرَهُ
هَوْنَكُما لا يَرُدُّ الدَّهْرَ ما فاتَا *** لا تَهْلِكا أسَفاً فِي إثْرِ مَنْ ماتَا
يريد : رَوْداً . وقد حكي فتح الهاء في ذلك بمعنى الهوان ، واستشهدوا على ذلك ببيت عامر بن جُوَيْن :
تُهِينُ النُّفُوسِ وَهُوْنُ النُّفُو *** سِ عِنْدَ الكَرِيهَةِ أعْلَى لَهَا
والمعروف من كلامهم ضمّ الهاء منه إذا كان بمعنى الهوان والذلّ ، كما قال ذو الإصبع العدواني :
اذْهَبْ إلَيْكَ فَمَا أُمِّي بِرَاعِيَةٍ *** تَرْعى المخاضَ ولا أُغْضِي على الهُونِ
{ ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا } فزعم أنه بعثه نبيا كمسيلمة والأسود العنسي ، أو اختلق عليه أحكاما كعمرو بن لحي ومتابعيه . { أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء } كعبد الله بن سعد بن أبي سرح ( كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما نزلت { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } فلما بلغ قوله : { ثم أنشأناه خلقا آخر } قال عبد الله ( فتبارك الله أحسن الخالقين ) تعجبا من تفصيل خلق الإنسان فقال عليه الصلاة والسلام : اكتبها فكذلك نزلت ، فشك عبد الله وقال لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال ) . { ومن قال سنزل مثل ما أنزل الله } كالذين قالوا لو نشاء لقلنا مثل هذا . { ولو ترى إذ الظالمون } حذف مفعوله لدلالة الظرف عليه أي ولو ترى الظالمين . { في غمرات الموت } شدائده من غمره الماء إذا غشيه . { والملائكة باسطو أيديهم } بقبض أرواحهم كالمتقاضي الملظ أو بالعذاب . { أخرجوا أنفسكم } أي يقولون لهم أخرجوها إلينا من أجسادكم تغليظا وتعنيفا عليهم ، أو أخرجوها من العذاب وخلصوها من أيدينا . { اليوم } يريدون وقت الإماتة ، أو الوقت الممتد من الإماتة إلا ما لا نهاية له . { تجزون عذاب الهون } أي الهوان يريدون العذاب المتضمن لشدة وإهانة ، فإضافته إلى الهون لعراقته وتمكنه فيه . { بما كنتم تقولون على الله غير الحق } كادعاء الولد والشريك له ودعوى النبوة والوحي كاذبا . { وكنتم عن آياته تستكبرون } فلا تتأملون فيها ولا تؤمنون .
هذه الفاظ عامة فكل من واقع شيئاً مما يدخل تحت هذه الألفاظ فهو داخل في الظلم الذي قد عظمه الله تعالى بقوله : { ومن أظلم } أي لا أحد أظلم وقال قتادة وغيره : المراد بهذه الآيات مسيلمة والأسود العنسي ، وذكروا برؤية النبي عليه السلام للسوارين{[5011]} وقال السدي : المراد بها عبد الله بن سعد بن أبي سرح الغامدي وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي وكان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة فلما نزلت { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر }{[5012]} فقال عبد الله بن سعد من تلقاء نفسه { فتبارك الله أحسن الخالقين } [ المؤمنون : 23 ] فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : «اكتبها فهكذا أنزلت » ، فتوهم عبد الله ولحق بمكة مرتداً وقال أنا أنزل مثل ما أنزل الله ، وروي عنه أيضاً أن النبي عليه السلام ربما أملى عليه «والله غفور رحيم » فبدلها هو «والله سميع عليم » فقال النبي عليه السلام : «ذلك سواء ونحو هذا »{[5013]} ، وقال عكرمة : أولها في مسيلمة والآخر في عبد الله بن سعد بن أبي سرح{[5014]} ، وذكر الزهراوي والمهدوي أن الآية نزلت في النضر بن الحارث لأنه عارض القرآن بقوله والزارعات زرعاً والخابزات خبزاً{[5015]} إلى غير ذلك من السخافات .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : فخصص المتأولون في هذه الآيات ذكر قومٍ قد يمكن أن كانوا أسباب نزولها ثم هي إلى يوم القيامة تتناول من تعرض شيئاً من معانيها كطليحة الأسدي والمختار بن أبي عبيد وسواهما وقرأ الجمهور «سأنزل مثل ما أنزل » بتخفيف وقرأ أبو حيوة «سأنَزّل » بفتح النون وتشديد الزاي .
قوله عز وجل : { ولو ترى إذ الظالمون } الآية ، جواب { لو } محذوف تقديره لرأيت عجباً أو هولاً ونحو هذا ، وحذف هذا الجواب أبلغ من نصه لأن السامع إذا لم ينص له الجواب يترك مع غاية تخيله و { الظالمون } لفظ عام لمن واقع ما تقدم ذكره وغير ذلك من أنواع الظلم الذي هو كفر و «الغمرات » جمع غمرة وهي المصيبة المبهمة المذهلة ، وهي مشبهة بغمرة الماء ، ومنه قول الشاعر [ بشر بن أبي خازم ] : [ الوافر ]
وَلاَ يُنْجِي مِنَ الغَمَرَاتِ إلاّ . . . بَراكاءُ القِتَالِ أوِ الْفرَارُ{[5016]}
{ والملائكة } ملائكة قبض الروح ، و { باسطو أيديهم } كناية عن مدها بالمكروه كما قال تعالى حكاية عن ابني آدم : { لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني }{[5017]} .
وهذا المكروه هو لا محالة أوائل عذاب وأماراته ، قال ابن عباس : يضربون وجوههم وأدبارهم ، وأما البسط لمجرد قبض النفس فإنه يشترك فيه الصالحون والكفرة ، وقيل إن المراد بسط الأيدي في جهنم ، والغمرات كذلك لكنهم لا يقضى عليهم فيموتوا ، وقوله { أخرجوا أنفسكم } حكاية لما تقوله الملائكة ، والتقدير يقولون أخرجوا أنفسكم ، ويحتمل قول الملائكة ذلك أن يريدوا : فأخرجوا أنفسكم من هذه المصائب والمحن وخلصوها إن كان ما زعمتموه حقاً في الدنيا ، وفي ذلك توبيخ وتوقيف على سالف فعلهم القبيح ، قال الحسن : هذا التوبيخ على هذا الوجه هو في جهنم ، ويحتمل أن يكون ذلك على معنى الزجر والإهانة كما يقول الرجل لمن يقهره بنفسه على أمر ما أفعل كذا ، لذلك الأمر الذي هو يتناوله بنفسه منه على جهة الإهانة وإدخال الرعب عليه .
وقوله تعالى : { اليوم تجزون عذاب الهون } الآية ، هذه حكاية عن قول الملائكة للكفرة عند قبض أرواحهم ، و { الهون } الهوان ومنه قول ذي الصبع : [ البسيط ]
إلَيْكَ عني فما أمى براعية . . . تَرْعَى المخَاضَ ولا أغضى على الهُونِ{[5018]}
وقرأ عبد الله بن مسعود وعكرمة «عذاب الهوان » بالألف .
وقوله تعالى { تقولون على الله غير الحق } لفظ جامع لكل نوع من الكفر ولكنه يظهر منه ومن قوله { وكنتم عن آياته تستكبرون } الإنحاء على من قرب ذكره من هؤلاء الذين ادعوا الوحي وأن ينزلوا مثل ما أنزل الله ، فإنها أفعال بين فيها «قول غير الحق على الله » وبين فيها الاستكبار .