مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمۡ يُوحَ إِلَيۡهِ شَيۡءٞ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي غَمَرَٰتِ ٱلۡمَوۡتِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ بَاسِطُوٓاْ أَيۡدِيهِمۡ أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَكُنتُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهِۦ تَسۡتَكۡبِرُونَ} (93)

{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً } هو مالك بن الصيف { أَوْ قَالَ أُوْحِي إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ } هو مسيلمة الكذاب { وَمَن قَالَ } في موضع جر عطف على { مَنِ افترى } أي وممن قال { سَأُنزِلُ مِثْلَ مَآ أَنَزلَ الله } أي سأقول وأملي هو عبد الله بن سعد ابن أبي سرح كاتب الوحي ، وقد أملى النبي عليه السلام عليه { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان } إلى { خَلْقاً ءاخَرَ } [ المؤمنون : 14 ] فجرى على لسانه { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] . فقال عليه السلام : " اكتبها فكذلك نزلت " فشك وقال : إن كان محمد صادقاً فقد أوحي إلي كما أوحي إليه ، وإن كان كاذباً فقد قلت كما قال ، فارتد ولحق بمكة . أو النضر ابن الحرث كان يقول : والطاحنات طحناً فالعاجنات عجناً فالخابزات خبزاً كأنه يعارض { وَلَوْ ترى } جوابه محذوف أي لرأيت أمراً عظيماً { إِذِ الظالمون } يريد الذين ذكرهم من اليهود والمتنبئة فتكون اللام للعهد ، ويجوز أن تكون للجنس فيدخل هؤلاء لاشتماله { فِي غَمْرَاتِ الموت } شدائده وسكراته { والملائكة بَاسِطُوآ أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُواْ أَنفُسَكُمُ } أي يبسطون إليهم أيديهم يقولون : هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم ، وهذه عبارة عن التشديد في الإزهاق من غير تنفيس وإمهال { اليوم تُجْزَوْنَ عَذَابَ الهون } أرادوا وقت الإماتة وما يعذبون به من شدة النزع . والهون : الهوان الشديد وإضافة العذاب إليه كقولك «رجل سوء » يريد العراقة في الهوان والتمكن فيه { بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى الله غَيْرَ الحق } من أن له شريكاً وصاحبة وولداً . { غَيْرَ الحق } مفعول { تَقُولُونَ } أو وصف لمصدر محذوف أي قولاً غير الحق { وَكُنتُمْ عَنْ ءاياته تَسْتَكْبِرُونَ } فلا تؤمنون بها