جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا أَوۡ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمۡ يُوحَ إِلَيۡهِ شَيۡءٞ وَمَن قَالَ سَأُنزِلُ مِثۡلَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُۗ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلظَّـٰلِمُونَ فِي غَمَرَٰتِ ٱلۡمَوۡتِ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ بَاسِطُوٓاْ أَيۡدِيهِمۡ أَخۡرِجُوٓاْ أَنفُسَكُمُۖ ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ عَذَابَ ٱلۡهُونِ بِمَا كُنتُمۡ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ غَيۡرَ ٱلۡحَقِّ وَكُنتُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهِۦ تَسۡتَكۡبِرُونَ} (93)

{ ومن{[1474]} أظلم ممن افترى على الله كذبا } : كمن ادعى أنه أرسله كاذبا ، { أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء } ، نزلت في مسيلمة الكذاب ادعى النبوة والوحي{[1475]} ، { ومن قال سأُنزل مثل ما أنزل{[1476]} الله } : كما قالوا : ( لو نشاء لقلنا مثل هذا ) ( الأنفال : 31 ) ، { ولو ترى إذ الظالمون } ، جوابه محذوف أي : ولو ترى زمان سكراتهم لرأيت أمرا فظيعا ، { في غمرات الموت } : شدائده ، { والملائكة باسطوا أيديهم } ، بتعذيبهم لقبض أرواحهم ، فقد ورد{[1477]} أن أرواح الكفرة تتفرق في أجسادهم وتأبى الخروج فتضربهم الملائكة حتى{[1478]} تخرج ، { أخرِجوا أنفسكم } أي : قائلين ذلك تعنيفا وتغليظا وزجرا وإضرارا لهم ، { اليوم } : يوم الموت ، { تُجزون عذاب الهون } : الهوان والذل ، { بما كنتم تقولون على الله غير الحق } : كإثبات الشريك والولد ، وإدعاء النبوة ، { وكنتم عن آياته تستكبرون } : فلا تؤمنون بها ، فالهوان لاستكبارهم .


[1474]:ولما كان لمن يدعي الرسالة لنفسه، ولمن ينفيها مضادة كما قالت اليهود وكل منهما كافر بسبب هذا القول عقب أحدهما الآخر فقال: (ومن أظلم) الآية /12.
[1475]:أتى بأو التنويعية مع أنه القائل والمفترى ليدل على أن كل واحد من فعله وقوله يكفي في أنه ظلم/12 وجيز.
[1476]:قال السدي: نزلت في عبد الله بن أبي سرح القرشي، وكان قد أسلم وكان يكتب للنبي -صلى الله عليه وسلم- فكان إذا أملى عليه سميعا بصيرا عليما حكيما وإذا أملى عليه عليما حكيما كتب غفورا رحيما فلما نزلت ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين أملاها عليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فقال: تبارك الله أحسن الخالقين فقال -صلى الله عليه وسلم-: اكتبها فهكذا نزلت فشك عبد الله بن أبي سرح وقال لئن كان محمد صادقا فقد أوحي إلي مثل ما يوحى إليه فارتد عن الإسلام ولحق بالمشركين ثم رجع عبد الله بعد ذلك إلى الإسلام فأسلم قبل فتح مكة والنبي –صلى الله عليه وسلم– نازل بمر الظهران: هذا ما في لباب التأويل المعروف بالخازن وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض رسائله: وعبد الله بن سعد بن أبي سرح كان قد ارتد وكان يكذب على النبي –صلى الله عليه وسلم- ويقول: أنا كنت أعلمه القرآن ثم تاب وأسلم وبايعه النبي –صلى الله عليه وسلم– على ذلك/12.
[1477]:كما رواه ابن أبي حاتم، وغيره/12 وجيز.
[1478]:وأما أن للكافر اختيار في حبس الروح في البدن وإطلاقه فالعلم عند الله تعالى، وفيه دليل على عدم تجرد الروح/12 وجيز.