أخرج الحاكم في المستدرك عن شرحبيل بن سعد قال : نزلت في عبد الله بن أبي سرح { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحيَ إلي ولم يوح إليه شيء . . . } الآية . فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فر إلى عثمان أخيه من الرضاعة ، فغيبه عنده حتى اطمأن أهل مكة ، ثم استأمن له .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي خلف الأعمى قال : كان ابن أبي سرح يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي ، فأتى أهل مكة فقالوا : يا ابن أبي سرح كيف كتبت لابن أبي كبشة القرآن ؟ قال : كنت أكتب كيف شئت ، فأنزل الله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً } .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحيَ إلي ولم يوح إليه شيء } قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح القرشي ، أسلم وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أملى عليه ( سميعاً عليماً ) كتب ( عليماً حكيماً ) وإذا قال ( عليماً حكيماً ) كتب ( سميعاً عليماً ) فشك وكفر وقال : إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحى إليّ .
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحيَ إلي ولم يوح إليه شيء } قال : نزلت في مسيلمة الكذاب ونحوه ممن دعا إلى مثل ما دعا إليه ، ومن قال : { سأنزل مثل ما أنزل الله } قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح .
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { ومن أظلم . . . } الآية . قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في مسيلمة .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { ومن أظلم . . . } الآية . قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في مسيلمة .
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة في قوله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحيَ إلي ولم يوح إليه شيء } قال : نزلت في مسيلمة فيما كان يسجع ويتكهن به ، ومن { قال : سأنزل مثل ما أنزل الله } قال : نزلت في عبد الله بن سعد ابن أبي سرح ، كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فكان فيما يملى ( عزيز حكيم ) فيكتب ( غفور رحيم ) فيغيره ، ثم يقرأ عليه كذا وكذا لما حوّل فيقول : نعم سواء ، فرجع عن الإسلام ولحق بقريش .
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : لما نزلت { والمرسلات عرفاً فالعاصفات عصفاً } [ المرسلات : 12 ] قال النضر وهو من بني عبد الدار : والطاحنات طحناً والعاجنات عجنا . وقولاً كثيراً ، فأنزل الله { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحيَ إلي ولم يوح إليه شيء . . . } الآية .
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : ما من القرآن شيء إلا قد عمل به من كان قبلكم وسيعمل به من بعدكم ، حتى كنت لأمر بهذه الآية { ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء } ولم يعمل هذا أهل هذه القبلة حتى كان المختار بن أبي عبيدة .
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : آيتان يبشر بهما الكافر عند موته { ولو ترى إذ الظالمون } إلى قوله { تستكبرون } .
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال « بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قاعداً ، وتلا هذه الآية { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } ثم قال : والذي نفس محمد بيده ما من نفس تفارق الدنيا حتى ترى مقعدها من الجنة والنار ، ثم قال : إذا كان عند ذلك صف سماطان من الملائكة نظموا ما بين الخافقين كأن وجوههم الشمس فينظر إليهم ما يرى غيرهم ، وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم مع كل ملك منهم أكفان وحنوط ، فإذا كان مؤمناً بشروه بالجنة ، وقالوا : اخرجي أيتها النفس الطيبة إلى رضوان الله وجنته فقد أعد الله لك من الكرامة ما هو خير لك من الدنيا وما فيها ، فما يزالون يبشرونه ويحفون به فهم ألطف وأرأف من الوالدة بولدها ، ويسلون روحه من تحت كل ظفر ومفصل ، ويموت الأول فالأول ، ويبرد كل عضو الأول فالأول ، ويهون عليه وإن كنتم ترونه شديداً حتى تبلغ ذقنه ، فلهو أشد كرامة للخروج حينئذ من الولد حين يخرج من الرحم ، فيبتدرها كل ملك منهم أيهم يقبضها ، فيتولى قبضها ملك الموت ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون } [ السجدة : 11 ] قال : فيتلقاها بأكفان بيض ثم يحتضنها إليه فهو أشد لها لزوماً من المرأة لولدها ، ثم يفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك ، يتباشرون بها ويقولون : مرحبا بالريح الطيبة والروح الطيب ، اللهم صل عليه روحاً وصل عليه جسداً خرجت منه فيصعدون بها ، ولله خلق في الهواء لا يعلم عدتهم إلا هو ، فيفوح لها فيهم ريح أطيب من المسك ، فيصلون عليها ويتباشرون بها ويفتح لها أبواب السماء ، ويصلي عليها كل ملك من كل سماء تمر به حتى توقف بين يدي الملك الجبار ، فيقول الجبار عز وجل : مرحباً بالنفس الطيبة وبجسد خرجت منه ، وإذا قال الرب عز وجل للشيء : مرحبا . رحب له كل شيء وذهب عنه كل ضيق ، ثم يقول : اذهبوا بهذه النفس الطيبة فادخلوها الجنة ، وأروها مقعدها ، واعرضوا عليها ما أعد لها من النعيم والكرامة ، ثم اهبطوا بها إلى الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ، فوالذي نفس محمد بيده هي أشد كراهة للخروج منها حين كانت تخرج من الجسد ، وتقول : أين تذهبون بي إلى ذلك الجسد الذي كنت فيه ؟ فيقولون : إنّا مأمورون بهذا فلا بد لك منه . فيهبطون به على قدر فراغهم من غسله وأكفانه ، فيدخلون ذلك الروح بين الجسد وأكفانه ، فما خلق الله تعالى كلمة تكلم بها حميم ولا غير حميم إلا وهو يسمعها ، إلا أنه لا يؤذن له في المراجعة ، فلو سمع أشد الناس له حباً ومن أعزهم كان عليه يقول : على رسلكم ما يعجلكم وأذن له في الكلام للعنه ، وإنه يسمع خفق نعالهم ونفض أيديهم إذا ولوا عنه .
ثم يأتيه عند ذلك ملكان فظان غليظان يسميان منكراً ونكيراً ومعهما عصا من حديد لو اجتمع عليها الجن والإنس ما أقلوها وهي عليهما يسير ، فيقولان له : أقعد بإذن الله ، فإذا هو مستو قاعداً فينظر عند ذلك إلى خلق كريه فظيع ينسبه ما كان رأى عند موته . . . ! فيقولان له من ربك ؟ فيقول : الله . فيقولون : فما دينك ؟ فيقول الإِسلام ، ثم ينتهرانه عند ذلك انتهارة شديدة ، ثم يقولان : فمن نبيك ؟ فيقول : محمد صلى الله عليه وسلم ويعرق عند ذلك عرقاً يبتل ما تحته من التراب ، ويصير ذلك العرق أطيب من ريح المسك ، وينادي عند ذلك من السماء نداء خفياً صدق عبدي فلينفعه صدقه ، ثم يفسح له في قبره مد بصره ، ويبتذله فيه الريحان ، ويستر بالحرير ، فإن كان معه من القرآن شيء كفاه نوره ، وإن لم يكن معه جعل له نور مثل نور الشمس في قبره ، ويفتح له أبواب وكوى إلى الجنة فينظر إلى مقعده منها مما كان عاين حين صعد به ، ثم يقال : نم قرير العين ، فما نومه ذلك إلى يوم يقوم إلا كنومة ينامها أحدكم شهية لم يرو منها ، يقوم وهو يمسح عينيه ، فكذلك نومه فيه إلى يوم القيامة .
وإن كان غير ذلك إذا نزل به ملك الموت صف له سماطان من الملائكة نظموا ما بين الخافقين ، فيخطف بصره إليهم ما يرى غيرهم ، وإن كنتم ترون أنه ينظر إليكم ويشدد عليه ، وإن كنتم ترون أنه يهون عليه فيلعنونه ، ويقولون : أخرجي أيتها النفس الخبيثة فقد أعد الله لك من النكال والنقمة والعذاب كذا وكذا ساء ما قدمت لنفسك ، ولا يزالون يسلونها في غضب وتعب وغلظ وشدة من كل ظفر وعضو ، ويموت الأول فالأول ، وتنشط نفسه كما يصنع السفود ذو الشعب بالصوف حتى تقع الروح في ذقنه ، فلهي أشد كراهية للخروج من الولد حين يخرج من الرحم مع ما يبشرونه بأنواع النكال والعذاب حتى تبلغ ذقنه ، فليس منهم ملك إلا وهو يتحاماه كراهية له ، فيتولى قبضها ملك الموت الذي وكل بها فيتلقاها ، أحسبه قال : بقطعه من بجاد أنتن ما خلق الله وأخشنه ، فيلقى فيها ويفوح لها ريح أنتن ما خلق الله ويسد ملك الموت منخريه ويسدون أنافهم ويقولون : اللهم العنها من روح والعنه جسداً خرجت منه ، فإذا صعد بها غلقت أبواب السماء دونها ، فيرسلها ملك الموت في الهواء حتى إذا دنت من الأرض انحدر مسرعاً في أثرها ، فيقبضها بحديدة معه يفعل بها ذلك ثلاث مرات ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق } [ الحج : 31 ] والسحيق البعيد . ثم ينتهي بها فتوقف بين يدي الملك الجبار فيقول : لا مرحباً بالنفس الخبيثة ولا بجسد خرجت منه ، ثم يقول : انطلقوا بها إلى جهنم فأروها مقعدها منها واعرضوا عليها ما أعددت لها من العذاب والنقمة والنكال .
ثم يقول الرب : اهبطوا بها إلى الأرض فإني قضيت أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى . فيهبطون بها على قدر فراغهم منها ، فيدخلون ذلك الروح بين جسده وأكفانه ، فما خلق الله حميماً ولا غير حميم من كلمة يتكلم بها لا وهو يسمعها إلا أنه لا يؤذن له في المراجعة ، فلو سمع أعز الناس عليه وأحبهم إليه يقول : أخرجوا به وعجلوا وأذن له في المراجعة للعنه . وود أنه ترك كما هو لا يبلغ به حفرته إلى يوم القيامة .
فإذا دخل قبره جاءه ملكان أسودان أرزقان فظان غليظان ، ومعهما مرزبة من حديد وسلاسل وأغلال ومقامع الحديد ، فيقولان له : اقعد بإذن الله . فإذا هو مستوٍ قاعد سقطت عنه أكفانه ، ويرى عند ذلك خلفاً فظيعاً ينسى به ما رأى قبل ذلك فيقولان له : من ربك ؟ فيقول : أنت . فيفزعان عند ذلك فزعة . ويقبضان ويضربانه ضربة بمطرقة الحديد فلا يبقى منه عضو إلا وقع على حدة ، فيصيح عند ذلك صيحة فما خلق الله من شيء ملك أو غيره إلا يسمعها إلا الجن والإِنس ، فيلعنونه عند ذلك لعنة واحدة وهو قوله { أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } [ البقرة : 159 ] والذي نفس محمد بيده لو اجتمع على مطرقتهما الجن والإِنس ما أقلوها وهي عليهما يسير ، ثم يقولان عد بإذن الله ، فإذا هو مستو قاعداً فيقولان : من ربك ؟ فيقول : لا أدري . فيقولان : فمن نبيك ؟ فيقول : سمعت الناس يقولون محمد . فيقولان : فما تقول أنت ؟ فيقول : لا أدري . فيقولان : لا دريت . ويعرق عند ذلك عرقاً يبتل ما تحته من التراب ، فلهو أنتن من الجيفة فيكم ، ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فيقولان له : نم نومة المسهر . فلا يزال حيات وعقارب أمثال أنياب البخت من النار ينهشنه ، ثم يفتح له باب فيرى مقعده من النار ، وتهب عليه أرواحها وسمومها ، وتلفح وجهه النار غدوّاً وعشياً إلى يوم القيامة » .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { غمرات الموت } قال : سكرات الموت .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس { والملائكة باسطوا أيديهم } قال : هذا عند الموت . والبسط ! الضرب . يضربون وجوههم وأدبارهم .
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس { والملائكة باسطوا أيديهم } قال : ملك الموت عليه السلام .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله { والملائكة باسطوا أيديهم } قال : بالعذاب .
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس قال : إن لملك الموت أعواناً من الملائكة ، ثم تلا هذه الآية { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم } .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن وهب قال : إن الملائكة الذين يقرنون بالناس هم الذين يتوفونهم ويكتبون لهم آجالهم ، فإذا كان يوم كذا وكذا توفته ، ثم نزع { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم } فقيل لوهب : أليس قد قال الله { قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم } [ السجدة : 11 ] قال : نعم ، إن الملائكة إذا توفوا نفساً دفعوها إلى ملك الموت وهو كالعاقب يعني العشار الذي يؤدي إليه من تحته .
وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن ابن عباس رضي الله عنهما . أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { عذاب الهون } قال : الهوان الدائم الشديد . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم ، أما سمعت الشاعر وهو يقول :
أنا وجدنا بلاد الله واسعه *** تنجى من الذل والمخزات والهون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله { عذاب الهون } قال : الهوان .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله { عذاب الهون } قال : الذي يهينهم .