قوله : { ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا } الآية [ 94 ] .
قوله : و( من ){[20845]} قال في{[20846]} موضع جر ، عطفٌ على ( مَن ) الأولى{[20847]} .
المعنى{[20848]} : ومن أخطأُ قولا ممن اختلق على الله الكذب ، فادعى أنه بعثه نبيا{[20849]} . وهذا تسفيه من الله عز وجل لمشركي العرب في معارضة عبد الله بن أبي سرح ومسيلمة{[20850]} للنبي ، ادعى أحدهما{[20851]} النبوة ، وادعى الآخر أنه جاء بمثل ما جاء به النبي{[20852]} .
فالذي قال : { أوحي إلي } هو مسيلمة الكذاب ، والذي قال : { سأنزل مثل ما أنزل الله } عبد{[20853]} الله بن سعد{[20854]} بن أبي سرح ، وكان عبد الله هذا قد كتب للنبي ، فكان{[20855]} يملي عليه ( عزيز حكيم ) فيكتب ( غفور رحيم ) ، وقال : قد أنزل ( علي ){[20856]} مثل الذي أنزل على محمد{[20857]} ، قد كتبت ما لم يُمْل عليَّ . وكان يقرأ على النبي ما يكتب ، فيقول له النبي : نعم سواء{[20858]} .
وقيل : إنه لما نزل { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى آخر القصة{[20859]} ، عجب ابن أبي سرح من خلق الإنسان وانتقاله من حال إلى حال ، فقال { فتبارك الله أحسن الخالقين }{[20860]} ، فقال له النبي : أكتُبها ، فكذلك نُزِّلت عليّ{[20861]} . فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وأخبرهم بما كان يصنع ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول له في الذي يكتب{[20862]} : نعم سواء . ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة . وفيه نزل : { ولكن من شرح بالكفر صدرا }{[20863]} .
وقيل : إن قائل القولين هو عبد الله هذا{[20864]} . وقيل : هو مسيلمة{[20865]} . وقال ابن عباس : الذي افترى على الله كذبا هو مسيلمة ، والذي قال : ( سأنزل مثل ما أنزل الله ) هو عبد الله بن أبي سرح{[20866]} .
ثم قال تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت } /{[20867]} أي : لو{[20868]} ترى يا محمد حين يغمر{[20869]} الموت بسكراته هؤلاء الظالمين{[20870]} المفترين على الله الكذب وقد قرب ( فناء ) آجالهم{[20871]} ، والملائكة قد بسطت أيديها يضربون وجوههم وأدبارهم{[20872]} .
قال ابن عباس : البسط هنا : الضرب ، يضربون وجوههم وأدبارهم{[20873]} .
وقال الضحاك : بسطت{[20874]} الملائكة أيديها بالعذاب{[20875]} . وقيل المعنى : ( باسطو أيديهم ) لإخراج أنفسهم{[20876]} .
{ أخرجوا أنفسكم } أي : يقولون لهم : أخرجوا أنفسكم{[20877]} من العذاب ، أي : خلصوها اليوم{[20878]} .
قوله : { اليوم تجزون عذاب الهون } أي : {[20879]} عذاب جهنم ، وهو عذاب الهوان{[20880]} ، وهذا إخبار من الملائكة للكفار ( بما ){[20881]} يصيرون إليه في الآخرة{[20882]} .
والهون – بالضم - : الهوان ، والهَوْن بالفتح : الرفق والدَّعة{[20883]} ، تقول : ( هو هون المؤونة ){[20884]} ، ومنه قوله : { يمشون على الأرض هونا }{[20885]} يعني بالرفق والسكينة{[20886]} .
قال أبو أمامة : يقبضون [ روح الكافر ]{[20887]} ويعدونه بالنار ويشدد عليه وإن رأيتم{[20888]} أنه ( يُهوّن عليه ، ويقبضون روح المؤمن ويعدونه بالجنة ويهون عليه وإن رأيتم ){[20889]} ( أنه ){[20890]} يُشدَّد{[20891]} عليه .
قوله : { في غمرات الموت } ليس بوقف ، لأن ما بعده في موضع الحال{[20892]} . و{ مثل ما أنزل الله } : وقف حسن{[20893]} . { أيديهم } : وقف ، { غير الحق } وقف عند نافع ، { تستكبرون } تمام حسن ، لأنه آخر{[20894]} قول الملائكة{[20895]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.