معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

قوله تعالى : { ما أشهدتهم } ما أحضرتهم ، وقرأ أبو جعفر ما أشهدتهم بالنون والألف على التعظيم ، أي : أحضرناهم يعني : إبليس وذريته . وقيل : الكفار . وقال الكلبي : يعني الملائكة ، { خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } ، يقول : ما أشهدتهم خلقاً فأستعين بهم على خلقها وأشاورهم فيها ، { وما كنت متخذ المضلين عضداً { ، أي : الشياطين الذين يضلون الناس عضداً ، أي : أنصاراً وأعواناً .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

47

ولماذا يتولون أعداءهم هؤلاء ، وليس لديهم علم ولا لهم قوة . فالله لم يشهدهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم فيطلعهم على غيبه . والله لا يتخذهم عضدا فتكون لهم قوة :

ما أشهدتم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم ، وما كنت متخذ المضلين عضدا . .

إنما هو خلق من خلق الله ، لا يعلمون غيبه ، ولا يستعين بهم سبحانه . .

( وما كنت متخذ المضلين عضدا ) فهل يتخذ الله سبحانه غير المضلين عضدا ?

وتعالى الله الغني عن العالمين ، ذو القوة المتين . . إنما هو تعبير فيه مجاراة لأوهام المشركين لتتبعها واستئصالها . فالذين يتولون الشيطان ويشركون به مع الله ، إنما يسلكون هذا المسلك توهما منهم أن للشيطان علما خفيا ، وقوة خارقة . والشيطان مضل ، والله يكره الضلال والمضلين . فلو أنه - على سبيل الفرض والجدل - كان متخذا له مساعدين ، لما اختارهم من المضلين !

وهذا هو الظل الذي يراد أن يلقيه التعبير . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

يقول تعالى : هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم ، لا يملكون شيئًا ، ولا أشهدتهم خلقي للسموات{[18270]} والأرض ، ولا كانوا إذ ذاك موجودين ، يقول تعالى : أنا المستقل بخلق الأشياء كلها ، ومدبرها ومقدرها وَحْدي ، ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ، ولا مشير ولا نظير ، كما قال : { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } الآية [ سبا : 23 ، 22 ] ؛ ولهذا قال : { وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } قال مالك : أعوانًا .


[18270]:في ف، أ: "خلق السموات".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّآ أَشْهَدتّهُمْ خَلْقَ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتّخِذَ الْمُضِلّينَ عَضُداً } .

يقول عزّ ذكره : ما أشهدت إبليس وذرّيته خَلْقَ السمَوَاتِ والأرْضِ يقول : ما أحضرتهم ذلك فأستعين بهم على خلقها وَلا خَلْقَ أنْفُسِهِمْ يقول : ولا أشهدت بعضهم أيضا خلق بعض منهم ، فأستعين به على خلقه ، بل تفرّدت بخلق جميع ذلك بغير معين ولا ظهير ، يقول : فكيف اتخذوا عدوّهم أولياء من دوني ، وهم خلق من خلق أمثالهم ، وتركوا عبادتي وأنا المنعم عليهم وعلى أسلافهم ، وخالقهم وخالق من يوالونه من دوني منفردا بذلك من غير معين ولا ظهير .

وقوله : وَما كُنْتُ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدا يقول : وما كنت متخذ من لا يهدى إلى الحقّ ، ولكنه يضلّ ، فمن تبعه يجور به عن قصد السبيل أعوانا وأنصارا وهو من قولهم : فلان يعضد فلانا إذا كان يقوّيه ويعينه . وبنحو ذلك قال بعض أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَما كُنْتَ مُتّخِذَ المُضِلّينَ عَضُدا : أي أعوانا .

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة ، مثله ، وإنما يعني بذلك أن إبليس وذرّيته يضلون بني آدم عن الحقّ ، ولا يهدونهم للرشد ، وقد يحتمل أن يكون عنى بالمضلين الذين هم أتباع على الضلالة ، وأصحاب على غير هدى .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

{ ما أشهدتُهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } نفى إحضار إبليس وذريته خلق السماوات والأرض ، وإحضار بعضهم خلق بعض ليدل على نفي الاعتضاد بهم في ذلك كما صرح به بقوله : { وما كنت مُتّخذ المضلّين عضُداً } أي أعوانا رداً لاتخاذهم أولياء من دون الله شركاء له في العبادة ، فإن استحقاق العبادة من توابع الخالقية والاشتراك فيه يستلزم الاشتراك فيها ، فوضع { المضلين } موضع الضمير ذما لهم واستبعادا للاعتضاد بهم . وقيل الضمير للمشركين والمعنى : ما أشهدتهم خلق ذلك وما خصصتهم بعلوم لا يعرفها غيرهم حتى لو آمنا اتبعهم الناس كما يزعمون ، فلا تلتفت إلى قولهم طمعا في نصرتهم للدين فإنه لا ينبغي لي أن أعتضد بالمضلين لديني . ويعضده قراءة من قرأ { وما كنت } على خطاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقرئ { متخذا المضلين } على الأصل و{ عضداً } بالتخفيف و{ عضدا } بالاتباع و{ عضداً } كخدم جمع عاضد من عضده إذا قواه .