غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

47

ثم دل على فساد عقيدة أهل الشرك وبطلان طريقتهم بقوله : { ما أشهدتهم } فالأكثرون على أن الضمير للشركاء والمراد أنهم لو كانوا شركاء لي في خلق السموات والأرض وفي خلق أنفسهم يعني لو كان بعضهم شاهدين خلق بعض مشاركين لي فيه كقوله : { ولا تقتلوا أنفسكم } لأمكن أن يكونوا شركاء لي في العبادة لكن الملزوم المساوي منتف فاللازم مثله يؤيد هذا التفسير قوله : { وما كنت متخذ المضلين } أي متخذهم { عضداً } أعواناً فوضع المضلين موضع الضمير نعياً عليهم بالإضلال .

وقيل : الضمير للمشركين الذي التمسوا طرد فقراء المؤمنين ، والمراد أنهم ما كانوا شركائي في تدبير العالم بدليل أني ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم وما اعتضدت بهم في تدبير الدنيا والآخرة ، بل هم قوم كسائر الخلق نظيره أن من اقترح عليك اقتراحات عظيمة فإنك تقول له : لست سلطان البلد ولا مدبر المملكة حتى تقبل منك كل اقتراحاتك . وقيل : أراد أن هؤلاء الظالمين جاهلون بما جرى به القلم في الأزل من أحوال السعادة وضدّها لأنهم لم يكونوا شاهدين خلق العالم ، فكيف يمكنهم أن يحكموا بحسن حالهم عند الله وبشرفهم ورفعتهم عند الخلق وبأضداد هذه الأحوال للفقراء . ومن قرأ { وما كنت } بفتح التاء فالخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم والمعنى وما صح لك الاعتضاد بهم وما ينبغي لك أن تغترّ بهم .

/خ59