قوله : { مَّآ أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السماوات } : أي : إبليس وذريته ، أو ما أشهدت الملائكة ، فكيف يعبدونهم ؟ أو ما أشهدت الكفار ، فكيف ينسبون إليَّ ما لا يليق بجلالي ؟ أو ما أشهدت جميع الخلقِ .
وقرأ{[21154]} أبو جعفر ، [ وشيبة ]{[21155]} والسختياني في آخرين : " ما أشهدناهم " على التعظيم .
والمعنى : ما أحضرناهم { خَلْقَ السماوات والأرض وَلاَ خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ } أي : ولا أشهدت بعضهم خلق بعض ، يعني : ما أشهدتهم ؛ لأعتضد بهم .
قوله : { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً } أي : ما كنت متَّخذهم ، فوضع الظاهر موضع المضمر ؛ بياناً لإضلالهم ؛ وذمًّا لهم وقوله : " عَضُدًا " أي : أعواناً .
قال ابن الخطيب{[21156]} : والأقرب عندي أنه الضمير الرَّاجع على الكفَّار الذين قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم : إن لم تطرد عن مجلسك هؤلاء الفقراء ، لم نؤمن بك ، فكأنه - تعالى - قال : إنَّ هؤلاء الذين أتوا بالاقتراح الفاسد ، والتعنُّت الباطل ، ما كانوا شركاء في تدبير العالم ؛ لأنِّي ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ، ولا خلق أنفسهم ، ولا أعتضد بهم في تدبير الدنيا والآخرة ، بل هم كسائر الخلق ، فلم أقدموا على هذا الاقتراح الفاسد ؟ .
ويؤكِّد هذا أن الضمير يجب عوده على أقرب مذكور ، وهو هنا { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً } .
قوله : { وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ المضلين عَضُداً } وضع الظاهر موضع المضمر ؛ إذ المراد ب " المُضلِّينَ " من نفى عنهم إشهاد خلق السموات ، وإنما نبَّه بذلك على وصفهم القبيح .
وقرأ العامة " كُنْتُ " بضمِّ التاء ؛ إخباراً عنه تعالى وقرأ{[21157]} الحسن ، والجحدري ، وأبو جعفر بفتحها ؛ خطاباً لنبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم وقرأ{[21158]} علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - { مُتَّخِذاً المضلين } نوَّن اسم الفاعل ، ونصب به ، إذ المراد به الحال ، أو الاستقبال .
وقرأ{[21159]} عيسى " عَضْداً " بفتح العين ، وسكون الضاد ، وهو تخفيف سائغ ، كقول تميمٍ : سبْع ورجْل في : سبُعٍ ورجُلٍ وقرأ الحسن " عُضداً " بالضم والسكون ؛ وذلك أنه نقل حركة الضاد إلى العين بعد سلب العين حركتها ، وعنه أيضاً " عضداً " بفتحتين ، و " عضداً " بضمتين ، والضحاك " عضداً " بكسر العين ، وفتح الضاد ، و هذه لغات في هذا الحرف .
والعضدُ من الإنسان وغيره معروف ، ويعبِّر به عن العون والنصير ؛ يقال : فلان عضدي ، ومنه { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } [ القصص : 35 ] أي : سنقوِّي نصرتك ومعونتك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.