الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

وقوله سبحانه : { مَّا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السموات والأرض } [ الكهف : 51 ] . الضمير في { أَشْهَدتُّهُمْ } عائدٌ على الكُفَّار ، وعلى النَّاس بالجملة فتتضمَّن الآية الرَّدَّ على طوائف من المنجِّمِين وأهْل الطبائعِ والمتحكِّمين من الأطبَّاء ، وسواهم مِنْ كل من يتخرَّص في هذه الأشياء ، وقيل : عائدٌ على ذرية إِبليس ، فالآية على هذا تتضمَّن تحقيرَهُم ، والقولُ الأول أعظم فائدةً ، وأقول : إنَّ الغرض أولاً بالآية هُمْ إِبليس وذريته ، وبهذا الوجْه يتَّجه الردُّ على الطوائف المذكورة ، وعلى الكُهَّان والعربِ المصدِّقين لهم ، والمعظِّمين للجنِّ ، حين يقولون : أعُوذُ بِعَزِيز هذا الوَادِي ، إِذ الجميع من هذه الفِرَقِ متعلِّقون بإِبليس وذريته ، وهم أضلُّ الجميع ، فهم المرادُ الأول ب{ المضلين } ، وتندرج هذه الطوائفُ في معناهم ، وقرأ الجمهور : «ومَا كُنْتُ » ، وقرأ أبو جعفر والجحْدَرِيُّ والحسن ، بخلافٍ «وَمَا كُنْت » ، «والعَضُد » : استعارة للمعين والمؤازر ،