الآية51 : وقوله تعالى : { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } قال بعضهم : قال هذا لمشركي العرب حين{[11665]} قالوا ( إن ){[11666]} الملائكة بنات الله ، والأصنام التي عبدوها ( هي آلهة ، و هي ){[11667]} شركاؤه .
فيقول : { وما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } ولا كان لهم كتاب ، ولا آمنوا برسول . فكيف عرفوا ما قالوا : الملائكة بنات الله ، والأصنام آلهة وشركاؤه ؟ ! .
وأسباب العلم والمعارف هذا : إما المشاهدة ، وإما الرسل . فإذا لم يكن لهم واحد مما ذكرنا فكيف عرفوا ربهم .
وبم علموا قالوا في الله من الولد والشركاء ؟ وإلى هذا يذهب الحسن .
ومنهم من قال : لاتخاذهم إبليس وذريته أولياء وأربابا ، وهو صلة م قال : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا } الآية . وفيه وجوه من التأويل :
أحدها{[11668]} : { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } أي ما استحضرتهم خلق أنفسهم لأنهم لم يكونوا ذلك الوقت ، ولا خلق السماوات والأرض ؛ لأنهما خلقهما ، وهم لا يكونوا أيضا أشياء .
والثاني{[11669]} : { ما أشهدتهم } ما أعلمتهم تدبير خلق السماوات والأرض ، ولا تدبير خلق أنفسهم . فكيف قالوا في الله من الدعاوي ؟
والثالث : { ما أشهدتهم } أي ما استعنت بهم في خلق السماوات والأرض ولا في خلق أنفسهم . فكيف أشركوا في ألوهيتي وربوبيتي ؟ وما استعنت بهم في ذلك ، والله أعلم .
وقد استدل كثير من المتكلمين بهذه الآية على أن خلق الشيء ، هو غير ذلك الشيء ، لأنه قال { ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم } وقد شهدوا السماوات والأرض ، وشهدوا أنفسهم ، حتى قال : { وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ( الذاريات : 21 ) ثم أخبر أنه لم يُشهدهم خلق السماوات والأرض ( ولا ){[11670]} خلق أنفسهم ( وأن خلق السماوات والأرض غير خلق أنفسهم وخلق أنفسهم غير خلق السماوات والأرض ){[11671]} .
وقوله تعالى : { وما كنت متخذ المضلين عضدا } ( يحتمل وجوها :
أحدها ){[11672]} : قال بعضهم : { وما كنت متخذ المضلين عضدا } عن الإيمان والهدى { عضدا } أعوانا لديني } .
والثاني : { وما كنت متخذ المضلين } عبادي { عضدا } ينصر ديني ، أو يعون أوليائي .
( والثالث : ما ){[11673]} قال بعضهم : { وما كنت متخذ المضلين } الذين أضلوا بني آدم { عضدا } عونا في ما خلقت من خلق السماوات والأرض وخلق أنفسهم ، وهو إبليس وذريته .
( والرابع : {[11674]} ) { وما كنت متخذ المضلين عضدا } أولياء ، إنما أتخذهم أعداء ، وما كنت لأولي المضلين عضدا على أوليائي كقوله : { لا ينال عهدي الظالمين } ( البقرة : 124 ) ونحوه . وكله قريب بعضه من بعض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.