تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

الآية51 : وقوله تعالى : { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } قال بعضهم : قال هذا لمشركي العرب حين{[11665]} قالوا ( إن ){[11666]} الملائكة بنات الله ، والأصنام التي عبدوها ( هي آلهة ، و هي ){[11667]} شركاؤه .

فيقول : { وما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } ولا كان لهم كتاب ، ولا آمنوا برسول . فكيف عرفوا ما قالوا : الملائكة بنات الله ، والأصنام آلهة وشركاؤه ؟ ! .

وأسباب العلم والمعارف هذا : إما المشاهدة ، وإما الرسل . فإذا لم يكن لهم واحد مما ذكرنا فكيف عرفوا ربهم .

وبم علموا قالوا في الله من الولد والشركاء ؟ وإلى هذا يذهب الحسن .

ومنهم من قال : لاتخاذهم إبليس وذريته أولياء وأربابا ، وهو صلة م قال : { أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا } الآية . وفيه وجوه من التأويل :

أحدها{[11668]} : { ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم } أي ما استحضرتهم خلق أنفسهم لأنهم لم يكونوا ذلك الوقت ، ولا خلق السماوات والأرض ؛ لأنهما خلقهما ، وهم لا يكونوا أيضا أشياء .

والثاني{[11669]} : { ما أشهدتهم } ما أعلمتهم تدبير خلق السماوات والأرض ، ولا تدبير خلق أنفسهم . فكيف قالوا في الله من الدعاوي ؟

والثالث : { ما أشهدتهم } أي ما استعنت بهم في خلق السماوات والأرض ولا في خلق أنفسهم . فكيف أشركوا في ألوهيتي وربوبيتي ؟ وما استعنت بهم في ذلك ، والله أعلم .

وقد استدل كثير من المتكلمين بهذه الآية على أن خلق الشيء ، هو غير ذلك الشيء ، لأنه قال { ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم } وقد شهدوا السماوات والأرض ، وشهدوا أنفسهم ، حتى قال : { وفي أنفسكم أفلا تبصرون } ( الذاريات : 21 ) ثم أخبر أنه لم يُشهدهم خلق السماوات والأرض ( ولا ){[11670]} خلق أنفسهم ( وأن خلق السماوات والأرض غير خلق أنفسهم وخلق أنفسهم غير خلق السماوات والأرض ){[11671]} .

وقوله تعالى : { وما كنت متخذ المضلين عضدا } ( يحتمل وجوها :

أحدها ){[11672]} : قال بعضهم : { وما كنت متخذ المضلين عضدا } عن الإيمان والهدى { عضدا } أعوانا لديني } .

والثاني : { وما كنت متخذ المضلين } عبادي { عضدا } ينصر ديني ، أو يعون أوليائي .

( والثالث : ما ){[11673]} قال بعضهم : { وما كنت متخذ المضلين } الذين أضلوا بني آدم { عضدا } عونا في ما خلقت من خلق السماوات والأرض وخلق أنفسهم ، وهو إبليس وذريته .

( والرابع : {[11674]} ) { وما كنت متخذ المضلين عضدا } أولياء ، إنما أتخذهم أعداء ، وما كنت لأولي المضلين عضدا على أوليائي كقوله : { لا ينال عهدي الظالمين } ( البقرة : 124 ) ونحوه . وكله قريب بعضه من بعض .


[11665]:في الأصل و.م: حيث.
[11666]:ساقطة من الأصل و.م.
[11667]:في الأصل و.م: أنها آلهة وأنها.
[11668]:في الأصل و.م:يقول.
[11669]:في الأصل و.م:أو.
[11670]:من م،في الأصل:و.
[11671]:في الأصل:غير السماوات والأرض وغير أنفسهم، في م: الخلق السماوات والأرض وخلق أنفسهم غير السماوات والأرض وغير أنفسهم.
[11672]:ساقطة من الأصل و.م.
[11673]:في الأصل و.م: و.
[11674]:ساقطة من الأصل و.م.