تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{۞مَّآ أَشۡهَدتُّهُمۡ خَلۡقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَا خَلۡقَ أَنفُسِهِمۡ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ ٱلۡمُضِلِّينَ عَضُدٗا} (51)

{ 51-52 } { مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا * وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا }

يقول تعالى : ما أشهدت الشياطين [ وهؤلاء المضلين ] ، خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم أي : ما أحضرتهم ذلك ، ولا شاورتهم عليه ، فكيف يكونون خالقين لشيء من ذلك ؟ ! بل المنفرد بالخلق والتدبير ، والحكمة والتقدير ، هو الله ، خالق الأشياء كلها ، المتصرف فيها بحكمته ، فكيف يجعل له شركاء من الشياطين ، يوالون ويطاعون ، كما يطاع الله ، وهم لم يخلقوا ولم يشهدوا خلقا ، ولم يعاونوا الله تعالى ؟ ! ولهذا قال : { وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا } أي : معاونين ، مظاهرين لله على شأن من الشئون ، أي : ما ينبغي ولا يليق بالله ، أن يجعل لهم قسطا من التدبير ، لأنهم ساعون في إضلال الخلق والعداوة لربهم ، فاللائق أن يقصيهم ولا يدنيهم .