معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (21)

قوله تعالى : { وكيف تأخذونه } . على طريق الاستعظام .

قوله تعالى : { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } . أراد به المجامعة ولكن الله حيي يكني ، وأصل الإفضاء الوصول إلى الشيء من غير واسطة .

قوله تعالى : { وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } . قال الحسن وابن سيرين والضحاك وقتادة : وهو قول الولي عند العقد : زوجتكها على ما أخذ الله للنساء على الرجال من إمساك بمعروف ، أو تسريح بإحسان . وقال الشعبي وعكرمة : هو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اتقوا الله في النساء ، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله تعالى ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله تعالى ) .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (21)

وقد بين تعالى حكمة ذلك بقوله : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا } وبيان ذلك : أن الزوجة قبل عقد النكاح محرمة على الزوج ولم ترض بحلها له إلا بذلك المهر الذي يدفعه لها ، فإذا دخل بها وأفضى إليها وباشرها المباشرة التي كانت حراما قبل ذلك ، والتي لم ترض ببذلها إلا بذلك العوض ، فإنه قد استوفى المعوض فثبت عليه العوض .

فكيف يستوفي المعوض ثم بعد ذلك يرجع على العوض ؟ هذا من أعظم الظلم والجور ، وكذلك أخذ الله على الأزواج ميثاقا غليظا بالعقد ، والقيام بحقوقها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (21)

قوله : وكيف تأخذونه استفهام تعجيبي بعد الإنكار ، أي ليس من المروءة أن تطمعوا في أخذ عوض عن الفراق بعد معاشرة امتزاج وعهد متين . والإفضاء الوصول ، مشتقّ من الفضاء ، لأنّ في الوصول قطع الفضاء بين المتواصلين والميثاق الغليظ عقدة النكاح على نيّة إخلاص النيّة ودوام الألفة ، والمعنى أنّكم كنتم على حال مودة وموالاة ، فهي في المعنى كالميثاق على حسن المعاملة .

والغليظ صفة مُشَبَّهة من غَلُظ بضمّ اللام إذا صلب ، والغلظة في الحقيقة صَلابة الذوات ، ثم استعيرت إلى صعوبة المعاني وشدّتها في أنواعها ، قال تعالى : { قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة } [ التوبة : 123 ] . وقد ظهر أنّ مناط التحريم هو كون أخذ المال عند طلب استبدال الزوجة بأخرى ، فليس هذا الحكم منسوخاً بآية البقرة خلافاً لجابر بن زيد إذ لا إبطال لمدلول هذه الآية .