بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَكَيۡفَ تَأۡخُذُونَهُۥ وَقَدۡ أَفۡضَىٰ بَعۡضُكُمۡ إِلَىٰ بَعۡضٖ وَأَخَذۡنَ مِنكُم مِّيثَٰقًا غَلِيظٗا} (21)

ثم قال تعالى : { وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ } يقول : كيف تستحلون أخذه ، يعني أخذ مهورهن { وَقَدْ أفضى بَعْضُكُمْ إلى بَعْضٍ } يقول : قد اجتمعا في لحاف واحد . قال الفراء : الإفضاء أن يخلو الرجل والمرأة إن لم يجامعها ، أو جامعها وقد وجب المهر . وقال الكلبي : الإفضاء إذا كان معها في لحاف واحد ، جامعها أو لم يجامعها ، فقد وجب المهر . وروى عوف الأعرابي عن زرارة بن أبي أوفى قال : قضى الخلفاء الراشدون المهديون أن من أغلق باباً وأرخى ستراً ، فقد وجب المهر والعدة . وقال مقاتل : الإفضاء الجماع . وبهذا القول قال بعض الناس : وأما علماؤنا رحمهم الله قالوا : إذا خلا بها خلوة صحيحة يجب كمال المهر والعدة ، دخل بها أو لم يدخل بها . ثم قال : { وَأَخَذْنَ مِنكُم ميثاقا غَلِيظاً } يقول : أوجبن عليكم عقداً وثيقاً بالنكاح . وهو قوله تعالى { الطلاق مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بإحسان وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ الله فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افتدت بِهِ تِلْكَ حُدُودُ الله فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ الله فأولئك هُمُ الظالمون } [ البقرة : 229 ] فصار ذلك على الرجال ميثاقاً غليظاً من النساء .