ثم عجب من الأخذ مستفهماً فقال : { وكيف تأخذونه وقد أفضة بعضكم إلى بعض } عن ابن عباس ومجاهد والسدي واختاره الزجاج وابن قتيبة وإليه ذهب الشافعي أن المراد بالإفضاء الجماع إذ الفضاء الساحة ويقال : أفضيت إذا خرجت إلى الفضاء . وهذا المعنى إنما يحصل في الحقيقة عند الجماع . وقيل : الإفضاء أن يخلو بها وإن لم يجامعها وهو قول الكلبي واختاره الفراء ، ويوافقه مذهب أبي حنيفة أن الخلوة الصحيحة تقرر المهر . ورجح مذهب الشافعي بأن الكلام ورد في معرض التعجب وهو إنما يتم إذا كان هذا الإفضاء سبباً قريباً في حصول الألفة والمودّة وذلك هو الجماع لا مجرد الخلوة ، وأيضاً الإفضاء لا بد أن يكون مفسراً بفعل ينتهي منه إليها لأن كلمة " إلى " لانتهاء الغاية ، ومجرد الخلوة ليس كذلك إذا لم يحصل فعل من أفعال أحدهما إلى الآخرة . فإن قيل : على هذا يجب أن يكون التلامس والاضطجاع في لحاف واحد كافياً في تحقيق الإفضاء ، وأنتم لا تقولون به ؟ فالجواب أنه باطل بالإجماع إذ القائل قائلان : قائل بتفسير الإفضاء بالجماع ، وقائل بتفسيره بمجرد الخلوة . وأيضاً الشرع قد علق تقرر المهر بتحقيق الإفضاء ، وقد اشتبه معناه أنه الخلوة أو الجماع فوجب الرجوع إلى ما قبل زمان الخلوة . ومقتضى ذلك عدم تقرر المهر . ثم أكد المنع من استرداد المهر بقوله : { وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً } قال السدي وعكرمة والفراء : هو قولكم زوّجتك هذه المرأة على ما أخذ الله للنساء على الرجال من إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان . ومعلوم أنه إذا ألجأها إلى أن بذلت المهر فقد سرحها بالإساءة . وقال ابن عباس ومجاهد : الميثاق الغليظ كلمة النكاح المعقودة على الصداق وإليها أشار في الحديث : " واستحللتم فروجهن بكلمة الله " وقال آخرون : أخذن منكم بسبب إفضاء بعضكم إلى بعض ميثاقاً غليظاً وصفه بالغلظ لقوّته قد قالوا : صحبة عشرين يوماً قرابة فكيف بما يجري بين الزوجين من الاتحاد والامتزاج ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.