معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖۖ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ أَفۡتُونِي فِي رُءۡيَٰيَ إِن كُنتُمۡ لِلرُّءۡيَا تَعۡبُرُونَ} (43)

فلما انقضت سبع سنين - قال الكلبي : وهذا السبع سوى الخمسة التي كانت قبل ذلك - ودنا فرج يوسف ، رأى ملك مصر الأكبر رؤيا عجيبة هالته ، وذلك أنه رأى سبع بقران سمان ، خرجن من البحر ، ثم خرج عقبهن سبع بقرات عجاف في غاية الهزال ، فابتلعت العجاف السمان فدخلن في بطونهن ، فلم ير منهن شيء ولم يتبين على العجاف منها شيء ، ثم رأى سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها ، وسبعا أخر يابسات قد استحصدت ، فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها ولم يبق من خضرتها شيء ، فجمع السحرة والكهنة والحادة والمعبرين وقص عليهم رؤياه .

قوله تعالى : { وقال الملك إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات } ، فقال لهم ، { يا أيها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖۖ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ أَفۡتُونِي فِي رُءۡيَٰيَ إِن كُنتُمۡ لِلرُّءۡيَا تَعۡبُرُونَ} (43)

{ 43 - 49 } { وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }

لما أراد الله تعالى أن يخرج يوسف من السجن ، أرى الله الملك هذه الرؤيا العجيبة ، الذي تأويلها يتناول جميع الأمة ، ليكون تأويلها على يد يوسف ، فيظهر من فضله ، ويبين من علمه ما يكون له رفعة في الدارين ، ومن التقادير المناسبة أن الملك الذي ترجع إليه أمور الرعية هو الذي رآها ، لارتباط مصالحها به .

وذلك أنه رأى رؤيا هالته ، فجمع لها علماء قومه وذوي الرأي منهم وقال : { إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ } أي : سبع من البقرات { عِجَافٌ } وهذا من العجب ، أن السبع العجاف الهزيلات اللاتي سقطت قوتهن ، يأكلن السبع السمان التي كنَّ نهاية في القوة .

{ وَ } رأيت { سَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ } يأكلهن سبع سنبلات { يَابِسَاتٍ } { يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ } لأن تعبير الجميع واحد ، وتأويله شيء واحد . { إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ } فتحيروا ، ولم يعرفوا لها وجها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلۡمَلِكُ إِنِّيٓ أَرَىٰ سَبۡعَ بَقَرَٰتٖ سِمَانٖ يَأۡكُلُهُنَّ سَبۡعٌ عِجَافٞ وَسَبۡعَ سُنۢبُلَٰتٍ خُضۡرٖ وَأُخَرَ يَابِسَٰتٖۖ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ أَفۡتُونِي فِي رُءۡيَٰيَ إِن كُنتُمۡ لِلرُّءۡيَا تَعۡبُرُونَ} (43)

المعنى : { وقال الملك } الأعظم : { إني أرى } يريد في منامه ، وقد جاء ذلك مبيناً في قوله تعالى : { إني أرى في المنام أني أذبحك }{[6695]} . وحكيت حال ماضية ف { أرى } وهو مستقبل من حيث يستقبل النظر في الرؤيا{[6696]} . { سبع بقرات سمان } يروى أنه قال : رأيتها خارجة من نهر ، وخرجت وراءها { سبع عجاف } ، فرأيتها أكلت تلك السمان حتى حصلت في بطونها ورأى «السنابل » أيضاً كما ذكر ، و «العجاف » التي بلغت غاية الهزال ، ومنه قول الشاعر : [ الكامل ]

ورجال مكة مسنتون عجاف{[6697]}*** ثم قال لجماعته وحاضريه : { يا أيها الملأ أفتوني } .

قرأت فرقة بتحقيق الهمزتين ، وقرأت فرقة بأن لفظت بألف «أفتوني » واواً .

وقوله : { للرؤيا } دخلت اللام لمعنى التأكيد والربط ، وذلك أن المفعول إذا تقدم حسن في بعض الأفعال أن تدخل عليه لام ، وإذا تأخر لم يحتج الفعل إلى ذلك . و «عبارة الرؤيا » مأخوذة من عبر النهر ، وهو تجاوزه من شط إلى شط ، فكأن عابر الرؤيا ينتهي إلى آخر تأويلها .


[6695]:من الآية (102) من سورة (الصافات)، ومما يلفت النظر أن ابن عطية أحال على تفسير الرؤيا على آية الصافات هنا، وكان الأولى أن يحيل عندما ذكر له الفتيان ما رآه منهما.
[6696]:معنى ذلك أن (أرى) حكاية حال ماضية، ولذلك جاءت بلفظ المضارع الذي يدل على الاستقبال دون (رأيت) التي تدل على الزمن الماضي. وتأمل كيف جعل الله لرؤيا ليوسف في أول أمره مع أبيه وإخوته بلاء وشدة، ثم جعلها آخرا من هذا الملك بشرى ورحمة.
[6697]:البيت لابن الزبعرى، وهو بتمامه: عمرو العلا شهم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف ومسنتون: أصابهم سنة وقحط وأجدبوا، وفي حديث أبي تميمة: (الله الذي إذا أسنت أنبت لك)، أي: إذا أجدبت أخصب لك. وعجاف: بلغوا غاية الهزال والضعف.