معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

قوله عز وجل{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } قال ابن عباس : بالغلبة والقهر . وقال الضحاك : بالحجة ، وفي الآخرة بالعذاب . وقيل : بالانتقام من الأعداء في الدنيا والآخرة ، وكل ذلك قد كان للأنباء والمؤمنين ، فهم منصورون بالحجة على من خالفهم ، وقد نصرهم الله بالقهر على من ناوأهم وإهلاك أعدائهم ، ونصرهم بعد أن قتلوا بالانتقام من أعدائهم ، كما نصر يحيى بن زكريا لما قتل ، قتل به سبعون ألفاً ، فهم منصورون بأحد هذه الوجوه ، { ويوم يقوم الأشهاد } أي : يوم القيامة يقوم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ وعلى الكفار التكذيب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

{ 51 - 52 } { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ }

لما ذكر عقوبة آل فرعون في الدنيا ، والبرزخ ، ويوم القيامة ، وذكر حالة أهل النار الفظيعة ، الذين نابذوا رسله وحاربوهم ، قال : { إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } أي : بالحجة والبرهان والنصر ، في الآخرة بالحكم لهم ولأتباعهم بالثواب ، ولمن حاربهم بشدة العقاب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَيَوۡمَ يَقُومُ ٱلۡأَشۡهَٰدُ} (51)

أخبر الله تعالى أنه ينصر رسله والمؤمنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، قال بعض المفسرين : وهذا خاص فيما أظهره الله على أمته كنوح وموسى ومحمد وليس بعام ، لأنا نجد من الأنبياء من قتله قومه كيحيى ولم ينصر عليهم ، وقال السدي : الخبر عام على وجهه ، وذلك أن نصرة الرسل واقعة ولا بد ، إما في حياة الرسول المنصور كنوح وموسى ، وإما فيما يأتي من الزمان بعد موته ، ألا ترى إلى ما صنع الله ببني إسرائيل بعد قتلهم يحيى من تسليط بختنصر عليهم حتى انتصر ليحيى ، ونصر المؤمنين داخل في نصر الرسل ، وأيضاً فقد جعل الله للؤمنين الفضلاء وداً ووهبهم نصراً إذ ظلموا وحضت الشريعة على نصرهم ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «من رد عن أخيه المسلم في عرضه ، كان حقاً على الله أن يرد عنه نار جهنم »{[10012]} ، وقوله عليه السلام : «من حمى مؤمناً من منافق يغتابه ، بعث الله ملكاً يحميه يوم القيامة »{[10013]} .

وقوله تعالى : { ويوم يقوم الأشهاد } يريد يوم القيامة .

وقرأ الأعرج وأبو عمرو بخلاف «تقوم » بالتاء . وقرأ نافع وأبو جعفر وشيبة : «يقوم » بالياء . و { الأشهاد } : جمع شاهد ، كصاحب وأصحاب . وقالت فرقة : أشهاد : جمع شهيد ، كشريف وأشراف .


[10012]:أخرجه أحمد، والترمذي وحسنه، وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في شعب الإيمان، عن أبي الدرداء رضي الله عنه، وفي آخره كما ذكره الإمام السيوطي في الدر المنثور: (ثم تلا: {إنا لننصر رسلنا} الآية)، وفي القرطبي أن هذا الخبر عن أبي الدرداء، وأن بعض المحدثين يقول إنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[10013]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده (3 – 441)، وأبو داود في الأدب، ولفظه كما في مسند أحمد، عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حمى مؤمنا من منافق يعيبه بعث الله تبارك وتعالى ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم، ومن بغى مؤمنا بشيء يريد شينه حبسه الله تعالى على جسر جهنم حتى يخرج مما قال).