معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

قوله تعالى : { وجعلوا لله شركاء الجن } ، يعني : الكافرين جعلوا لله شركاء الجن .

قوله تعالى : { وخلقهم } ، يعني : وهو خلق الجن ، قال الكلبي : نزلت في الزنادقة ، أثبتوا الشركة لإبليس في الخلق ، فقالوا : الله خالق النور ، والناس ، والدواب ، والأنعام ، وإبليس خالق الظلمة ، والسباع ، والحيات ، والعقارب . وهذا كقوله : { وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً } [ الصافات : 158 ] وإبليس من الجن .

قوله تعالى : { وخرقوا } ، قرأ أهل المدينة { وخرقوا } ، بتشديد الراء على التكثير ، وقرأ الآخرون بالتخفيف ، أي : اختلقوا .

قوله تعالى : { له بنين وبنات بغير علم } ، وذلك مثل قول اليهود ( عزير ابن الله ) ، وقول النصارى ( المسيح ابن الله ) ، وقول كفار مكة ( الملائكة بنات الله ) ، ثم نزه نفسه فقال : { سبحانه وتعالى عما يصفون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

{ 100 - 104 } { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *

ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ }

يخبر تعالى : أنه مع إحسانه لعباده وتعرفه إليهم ، بآياته البينات ، وحججه الواضحات -أن المشركين به ، من قريش وغيرهم ، جعلوا له شركاء ، يدعونهم ، ويعبدونهم ، من الجن والملائكة ، الذين هم خلق من خلق الله ، ليس فيهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء ، فجعلوها شركاء لمن له الخلق والأمر ، وهو المنعم بسائر أصناف النعم ، الدافع لجميع النقم ، وكذلك " خرق المشركون " أي : ائتفكوا ، وافتروا من تلقاء أنفسهم لله ، بنين وبنات بغير علم منهم ، ومن أظلم ممن قال على الله بلا علم ، وافترى عليه أشنع النقص ، الذي يجب تنزيه الله عنه ؟ ! ! .

ولهذا نزه نفسه عما افتراه عليه المشركون فقال : { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ } فإنه تعالى ، الموصوف بكل كمال ، المنزه عن كل نقص ، وآفة وعيب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

{ جعلوا } بمعنى صيروا ، و { الجن } مفعول و { شركاء } مفعول ثان مقدم ، ويصح أن يكون قوله { شركاء } مفعولاً أولاً و { لله } في موضع المفعول الثاني و { الجن } بدل من قوله { شركاء } وهذه الآية مشيرة إلى العادلين بالله والقائلين إن الجن تعلم الغيب ، العابدين للجن ، وكانت طوائف من العرب تفعل ذلك وتستجير بجن الأودية في أسفارها ونحو هذا ، أما الذين «خرقوا البنين » فاليهود في ذكر عزير والنصارى في ذكر المسيح ، وأما ذاكروا البنات فالعرب الذين قالوا : للملائكة بنات الله ، فكأن الضمير في { جعلوا } و { خرقوا } لجميع الكفار إذ فعل بعضهم هذا ، وبنحو هذا فسر السدي وابن زيد ، وقرأ شعيب بن أبي حمزة «شركاء الجنِّ » بخفض النون ، وقرأ يزيد بن قطيب وأبو حيوة «الجِّن والجُّن » بالخفض والرفع على تقديرهم الجن ، وقرأ الجمهور «وخلَقهم » بفتح اللام على معنى وهو خلقهم ، وفي مصحف عبد الله بن مسعود «وهو خلقهم » يحتمل العودة على الجاعلين ويحتملها على المجعولين ، وقرأ يحيى بن يعمر «وخلْقهم » بسكون اللام عطفاً على الجن أي جعلوا خلقهم الذي ينحتونه أصناماً شركاء بالله ، وقرأ السبعة سوى نافع «وخرَقوا » بتخفيف للراء وهو بمعنى اختلفوا وافتروا{[5035]} وقرأ نافع «وخرّقوا » بتشديد الراء على المبالغة ، وقرأ ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهما «وحرّفوا » مشددة الراء ، وقوله { بغير علم } نص على قبح تقحمهم المجهلة وافترائهم الباطل على عمى ، { سبحانه } أي تنزه عن وصفهم الفاسد المستحيل عليه تبارك وتعالى .


[5035]:-قال الفراء: "يقال: خرق الإفك وخلقه واختلقه واخترقه واقتلعه وافتراه وخرصه إذا كذب فيه".