النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

قوله عز وجل : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الجِنَّ وَخَلَقَهُمْ } فيه ثلاثة{[933]} أقاويل :

أحدها{[934]} : أن المجوس نسبت الشر إلى إبليس ، وتجعله بذلك شريكاً لله .

والثاني : أن مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله وشركاء له ، قاله قتادة ، والسدي ، وابن زيد كقوله تعالى : { وَجَعَلُوا بَينَهُ وَبَيْنَ الجنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } فَسَمَّى الملائكة لاختفائهم{[935]} عن العيون جنة .

والثالث : أنه أطاعوا الشيطان في عبادة الأوثان حتى جعلوها شركاء لله في العبادة ، قاله الحسن ، والزجاج .

{ وَخَلَقَهُمْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أنه خلقهم بلا شريك [ له ] ، فَلِمَ جعلوا له في العبادة شريكاً ؟ .

والثاني : أنه خلق من جعلوه شريكاً فكيف صار في العبادة شريكاً .

وقرأ يحيى بن يعمر { وَخَلقَهُمْ } بتسكين اللام . ومعناه أنهم جعلوا خلقهم الذي صنعوه بأيديهم من الأصنام لله شريكاً .

{ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلمٍ } في خرقوا قراءتان بالتخفيف والتشديد{[936]} ، وفيه قولان :

أحدهما : أن معنى خرقوا كذبوا ، قاله مجاهد ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد .

والثاني : معناه وخلقوا له بنين وبنات ، والخلق والخرق واحد ، قاله الفراء .

والقول الثاني{[937]} : أن معنى القراءتين مختلف ، وفي اختلافهما قولان :

أحدهما : أنها بالتشديد على التكثير .

والثاني : أن معناها بالتخفيف كذبوا ، وبالتشديد اختلفوا .

والبنون قول النصارى في المسيح أنه ابن الله ، وقول اليهود أن عزيراً ابن الله .

والبنات قول مشركي العرب في الملائكة أنهم بنات الله .

{ بِغَيْرِ عِلمٍ } يحتمل وجهين :

أحدهما : بغير علم منهم أن له بنين وبنات .

والثاني : بغير حجة تدلهم على أن له بنين وبنات .


[933]:- في ق: فيه قولان أحدهما.
[934]:- هذا القول سقط من ق.
[935]:- في ق: لاجتنابهم.
[936]:- أي خرقوا بتشديد الراء على التكثير وهي قراءة نافع.
[937]:- هكذا في ك ويبدو أن في الكلام سقطا.