قوله تعالى : " وجعلوا لله شركاء الجن " هذا ذكر نوع آخر من جهالاتهم ، أي فيهم من أعتقد لله شركاء من الجن . قال النحاس : " الجن " مفعول أول ، و " شركاء " مفعول ثان ، مثل " وجعلكم ملوكا{[6604]} " [ المائدة : 20 ] . " وجعلت له مالا ممدودا{[6605]} " [ المدثر : 12 ] . وهو في القرآن كثير . والتقدير وجعلوا لله الجن شركاء . ويجوز أن يكون " الجن " بد لا من شركاء ، والمفعول الثاني " لله " . وأجاز الكسائي رفع " الجن " بمعنى هم الجن . " وخلقكم " كذا قراءة الجماعة{[6606]} ، أي خلق الجاعلين له شركاء . وقيل : خلق الجن الشركاء . وقرأ ابن مسعود " وهو خلقهم " بزيادة هو . وقرأ يحيى بن يعمر " وخلقهم " بسكون اللام ، وقال : أي وجعلوا خلقهم لله شركاء ؛ لأنهم كانوا يخلقون الشيء ثم يعبدونه . والآية نزلت في مشركي العرب . ومعنى إشراكهم بالجن أنهم أطاعوهم كطاعة الله عز وجل ، روي ذلك عن الحسن وغيره . قال قتادة والسدي : هم الذين قالوا الملائكة بنات الله . وقال الكلبي : نزلت في الزنادقة ، قالوا : إن الله وإبليس أخوان ، فالله خالق الناس والدواب ، وإبليس خالق الجان{[6607]} والسباع والعقارب . ويقرب من هذا قول المجوس ، فإنهم قالوا : للعالم صانعان : إله قديم ، والثاني شيطان حادث من فكرة الإله القديم ، وزعموا أن صانع الشر حادث . وكذا الحائطية من المعتزلة من أصحاب أحمد بن حائط ، زعموا أن للعالم صانعين : الإله القديم ، والآخر محدث ، خلقه الله عز وجل أولا ثم فوض إليه تدبير العالم ، وهو الذي يحاسب الخلق في الآخرة . تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا . " وخرقوا " قراءة نافع بالتشديد على التكثير ؛ لأن المشركين ادعوا أن لله بنات وهم الملائكة ، وسموهم جنا لاجتنانهم . والنصارى ادعت المسيح ابن الله . واليهود قالت : عزير ابن الله ، فكثر ذلك من كفرهم{[6608]} ، فشدد الفعل لمطابقة المعنى . تعالى الله عما يقولون . وقرأ الباقون بالتخفيف على التقليل . وسئل الحسن البصري عن معنى " وخرقوا له " بالتشديد فقال : إنما هو " وخرقوا " بالتخفيف ، كلمة عربية ، كان الرجل إذا كذب في النادي قيل : خرقها ورب الكعبة . وقال أهل اللغة : معنى " خرقوا " اختلقوا وافتعلوا " وخرقوا " على التكثير . قال مجاهد وقتادة وابن زيد وابن جريج : " خرقوا " كذبوا . يقال : إن معنى خرق واخترق واختلق سواء ، أي أحدث :
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.