مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَآءَ ٱلۡجِنَّ وَخَلَقَهُمۡۖ وَخَرَقُواْ لَهُۥ بَنِينَ وَبَنَٰتِۭ بِغَيۡرِ عِلۡمٖۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يَصِفُونَ} (100)

{ وَجَعَلُواْ للَّهِ شُرَكَاءَ الجن } إن جعلت { لِلَّهِ شُرَكَاءَ } مفعولي { جَعَلُواْ } كان { الجن } بدلاً من { شُرَكَاء } وإلا كان { شُرَكَاء الجن } مفعولين قدم ثانيهما على الأوّل ، وفائدة التقديم استعظام أن يتخذ لله شريك من كان ملكاً أو جنياً أو غير ذلك ، والمعنى أنهم أطاعوا الجن فيما سولت لهم من شركهم فجعلوهم شركاء لله { وَخَلَقَهُمْ } أي وقد خلق الجن فكيف يكون المخلوق شريكاً لخالقه ؟ والجملة حال ، أو وخلق الجاعلين لله شركاء فكيف يعبدون غيره ؟ { وَخَرَقُواْ لَهُ } أي اختلقوا يقال : خلق الإفك وخرقه واختلقه واخترقه بمعنى ، أو هو من خرق الثوب إذا شقه أي اشتقوا له { بَنْيَنَ } كقول أهل الكتابين في المسيح وعزير { وَبَنَاتٍ } كقول بعض العرب في الملائكة . { وَخَرَقُواْ } بالتشديد للتكثير : مدني لقوله { بَنِينَ وَبَنَاتٍ } { بِغَيْرِ عِلْمٍ } من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوا من خطأ أو صواب ولكن رمياً بقول عن جهالة ، وهو حال من فاعل { خرقوا } أي جاهلين بما قالوا { سبحانه وتعالى عَمَّا يَصِفُونَ } من الشريك والولد