معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

قوله تعالى : { يوم تأتي كل نفس تجادل } ، تخاصم وتحتج ، { عن نفسها } ، بما أسلفت من خير وشر ، مشتغلاً بها لا تتفرغ إلى غيرها ، { وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون } . روي أن عمر بن الخطاب قال لكعب الأحبار : خوفنا ، قال : يا أمير المؤمنين ، والذي نفسي بيده ، لو وافيت يوم القيامة بمثل عمل سبعين نبياً لأتت عليك ساعات وأنت لا تهمك إلا نفسك ، وإن لجهنم زفرةً لا يبقى ملك مقرب ، ولا نبي مرسل منتخب ، إلا وقع جاثياً على ركبتيه ، حتى إبراهيم خليل الرحمن ، يقول : يا رب لا أسألك إلا نفسي ، وإن تصديق ذلك : الذي أنزل الله عليكم { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } . وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة ، حتى تخاصم الروح الجسد ، فتقول الروح : يا رب ، لم يكن لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها . ويقول الجسد : خلقتني كالخشب لم تبطش يدي ، ولم تمش رجلي ولم تبصر عيني ، فجاء هذا كشعاع النور فيه نطق لساني ، وأبصرت عيني ، وبطشت يدي ، ومشت رجلي . قال : فيضرب الله لهما مثلاً : إنما مثلكما أعمى ومقعد ، دخلا حائطاً فيه ثمار ، فالأعمى لا يبصر الثمر ، والمقعد يرى ولا يناله ، فحمل الأعمى المقعد فأصابا من الثمر فعليهما العذاب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

حين { تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا } ، كلٌّ يقول : نفسي نفسي ، لا يهمه سوى نفسه ، ففي ذلك اليوم يفتقر العبد إلى حصول مثقال ذرة من الخير .

{ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ } ، من خير وشر ، { وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ } ، فلا يزاد في سيئاتهم ولا ينقص من حسناتهم ، { فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

{ يوم تأتي كل نفس } ، منصوب ب : { رحيم } أو باذكر . { تُجادل عن نفسها } ، تجادل عن ذاتها ، وتسعى في خلاصها ، لا يهمها شأن غيرها ، فتقول : نفسي نفسي . { وتُوفّى كل نفس ما عملت } ، جزاء ما عملت . { وهم لا يُظلمون } ، لا ينقصون أجورهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

وقوله : { يوم تأتي كل نفس } ، المعنى لغفور رحيم يوم ، وقوله : { كل نفس } ، أي : كل ذي نفس ، ثم أجري الفعل على المضاف إليه المذكور ، فأتت العلامة ، و { نفس } الأولى هي النفس المعروفة ، والثانية هي بمعنى الذات ، كما تقول نفس الشيء وعينه ، أي : ذاته ، { وتوفى كل نفس } ، أي : يجازى كل من أحسن بإحسانه وكل من أساء بإساءته .

قال القاضي أبو محمد : وظاهر الآية أن كل نفس { تجادل } كانت مؤمنة أو كافرة ، فإذا جادل الكفار بكذبهم وجحدهم للكفر ، شهدت عليهم الجوارح والرسل وغير ذلك بحسب الطوائف ، فحينئذ لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون{[7429]} ، فتجتمع آيات القرآن باختلاف المواطن ، وقالت فرقة : «الجدال » ، قول كل أحد من الأنبياء وغيرهم : نفسي نفسي ، وهذا ليس بجدال ولا احتجاج إنما هو مجرد رغبة .


[7429]:الآية (36) من سورة (المرسلات).