فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞يَوۡمَ تَأۡتِي كُلُّ نَفۡسٖ تُجَٰدِلُ عَن نَّفۡسِهَا وَتُوَفَّىٰ كُلُّ نَفۡسٖ مَّا عَمِلَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (111)

{ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ( 111 ) }

وأما إذا كان سبب الآية هو هذا عبد الله بن سرح الذي ارتد عن الإسلام ثم رجع بعد ذلك إليه ، فالمعنى أن هذا المفتون في دينه بالردة إذا اسلم وجاهد وصبر فالله غفور له رحيم به .

{ يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا } ، أي : تخاصم وتسعى في خلاصها ، وقد استشكل إضافة ضمير النفس إلى النفس ولا بد من التغاير بين المضاف والمضاف إليه .

وأجيب بأن المراد بالنفس الأولى جملة بدن الإنسان ، وبالنفس الثانية الذات ، فكأنه قيل يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه غيرها ، بل يقول نفسي نفسي ، ومعنى المجادلة عنها الاعتذار بما لا يقبل منه كقوله : { والله ربنا ما كنا مشركين } ، ونحو ذلك من المعاذير الكاذبة فهو مجادل ومخاصم عن نفسه لا يتفرغ لغيرها يوم القيامة .

{ وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ } ، جزاء { مَّا عَمِلَتْ } في الدنيا من خير أو شر ، { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ، من جزاء أعمالهم بل يوفون ذلك كاملا من غير زيادة أو نقصان .