قوله سبحانه وتعالى : { يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها } ، يعني : تخاصم وتحتج عن نفسها ، أي : بما أسلفت من خير وشر ، واشتغلت بالمجادلة لا تتفرغ إلى غيرها . فإن قلت : النفس هي نفس واحدة ، وليس لها نفس أخرى ، فما معنى قوله كل نفس تجادل عن نفسها ؟ قلت : إن النفس قد يراد بها بدن الإنسان ، وقد يراد بها مجموع ذاته وحقيقته ، فالنفس الأولى هي مجموع ذات الإنسان وحقيقته ، والنفس الثانية هي بدنه فهي عينها وذاتها أيضاً ، والمعنى : يوم يأتي كل إنسان يجادل عن ذاته ، ولا يهمه غيره ، ومعنى هذه المجادلة الاعتذار بما لا يقبل منه ، كقولهم : { والله ربنا ما كنا مشركين } ، ونحو ذلك من الاعتذارات . { وتوفى كل نفس ما عملت } ، يعني : جزاء ما عملت في الدنيا من خير أو شر ، { وهم لا يظلمون } ، يعني : لا ينقصون من جزاء أعمالهم شيئاً ، بل يوفون ذلك كاملاً من غير زيادة ولا نقصان . روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لكعب الأحبار : خوفنا ، فقال : يا أمير المؤمنين والذي نفسي بيده لو وافيت القيامة بمثل عمل سبعين نبياً ، لأتت عليك ساعات وأنت لا يهمك إلا نفسك ، وإن جهنم لتزفر زفرة ما يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا على ركبتيه ، حتى إبراهيم خليل الرحمن يقول : يا رب لا أسألك إلا نفسي ، وإن تصديق ذلك فيما أنزل الله تعالى يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها . وروى عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : ما تزال الخصومة بين الناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح الجسد ، فتقول الروح : يا رب لم تكن لي أيدٍ أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ولا عين أبصر بها ، ويقول الجسد : يا رب خلقتني كالخشبة ، ليست لي يد أبطش بها ، ولا رجل أمشي بها ، ولا عين أبصر بها ، فجاء هذا الروح كشعاع النور ، فبه نطق لساني ، وبه أبصرت عيناي وبه مشت رجلاي ، فضرب الله لهما مثلاً أعمى ومقعد دخلا حائطاً ، يعني : بستاناً فيه ثمار ، فالأعمى لا يبصر الثمار ، والمقعد لا يناله ، فحمل الأعمى المقعد فأصابا من الثمر ، فعليهما العذاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.