قوله تعالى : { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون } ، يقهرون ويستذلون بذبح الأبناء ، واستخدام النساء ، والاستعباد ، وهم بنو إسرائيل .
قوله تعالى : { مشارق الأرض ومغاربها } يعني مصر والشام .
قوله تعالى : { التي باركنا فيها } بالماء ، والأشجار ، والثمار ، والخصب ، والسعة .
قوله تعالى : { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل } يعني : وتمت كلمة الله ، وهي وعده إياهم بالنصر والتمكين في الأرض ، وذلك قوله تعالى : { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } [ القصص : 5 ] { بما صبروا } على دينهم وعلى عذاب فرعون .
قوله تعالى : { ودمرنا } أهلكنا .
قوله تعالى : { ما كان يصنع فرعون وقومه } ، في أرض مصر من العمارات .
قوله تعالى : { وما كانوا يعرشون } قال مجاهد : يبنون من البيوت والقصور . وقال الحسن : يعرشون من الأشجار والثمار والأعناب . وقرأ أبو بكر وابن عامر : { يعرشون } بضم الراء هاهنا وفي النحل ، وقرأ آخرون بكسرها .
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ في الأرض ، أي : بني إسرائيل الذين كانوا خدمة لآل فرعون ، يسومونهم سوء العذاب أورثهم اللّه مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا والمراد بالأرض هاهنا ، أرض مصر ، التي كانوا فيها مستضعفين ، أذلين ، أي : ملكهم اللّه جميعا ، ومكنهم فيها الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا حين قال لهم موسى : اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ .
وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ من الأبنية الهائلة ، والمساكن المزخرفة وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ .
وأخبر تعالى أنه أورث القوم الذين كانوا يستضعفون - وهم بنو إسرائيل - { مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا } كما قال تعالى : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ } [ القصص : 5 ، 6 ] وقال تعالى : { كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيم وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ } [ الدخان : 25 - 28 ]
وعن الحسن البصري وقتادة ، في قوله : { مَشَارِقَ الأرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } يعني : الشام .
وقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا } قال مجاهد وابن جرير : وهي قوله تعالى : { وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ }
وقوله : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ } أي : وخربنا ما كان فرعون وقومه يصنعونه من العمارات والمزارع ، { وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ } قال ابن عباس ومجاهد : { يَعْرِشُونَ } يبنون .
قوله : { الذين كانوا يستضعفون } كناية عن بني إسرائيل لاستعباد فرعون لهم وغلبته عليهم ، وقوله : { مشارق الأرض ومغاربها } قال الحسن وقتادة وغيرهما : يريد أرض الشام ، وقال أبو جعفر النحاس : وقيل يراد أرض مصر وهو قول الحسن في كتاب النقاش ، وقالت فرقة : يريد الأرض كلها .
قال القاضي أبو محمد : وهذا يتجه إما على المجاز لأنه ملكهم بلاداً كثيرة ، وإما على الحقيقة في أنه ملك ذريتهم وهو سليمان بن داود ولكن الذي يليق بمعنى الآية وروي فيها هو أنه ملك أبناء المستضعفين بأعيانهم مشارق الأرض ومغاربها لا سيما بوصفه الأرض بأنها التي بارك فيها ولا يتصف بهذه الصفة وينفرد بها أكثر من غيرها إلا أرض الشام لما بها من الماء والشجر والنعم والفوائد ، وحكى الطبري عن قائل لم يسمه وذكر الزهراوي أنه الفراء : أن { مشارق الأرض ومغاربها } نصب على الظرف أي يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها ، وأن قوله : { التي باركنا فيها } معمول ل { أورثنا } ، وضعفه الطبري ، وكذلك هو قول غير متجه ، و { التي } في موضع خفض نعت ل { الأرض } ، ويجوز أن يكون في موضع نصب نعت لمشارق ومغارب ، وقوله : { وتمت كلمة ربك الحسنى } أي ما سبق لهم في علمه وكلامه في الأزل من النجاة من عدوهم والظهور عليه ، قاله مجاهد ، وقال المهدوي : وهي قوله { ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض } وقيل هي قوله : { عسى ربكم أن يهلك عدوكم } ، وروي عن أبي عمرو «كلمات » و{ يعرشون } قال ابن عباس ومجاهد معناه يبنون وعرش البيت سقفه والعرش البناء والتنضيد وقال الحسن هي في الكروم وما أشبهها وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم بكسر الراء ، وقرأ الباقون : ابن عامر وعاصم فيما روي عنه والحسن وأبو رجاء ورجاء ومجاهد بضمها ، وكذلك في سورة النحل وهما لغتان ، وقرأ ابن أبي عبلة «يُعَرَّشون ويُعَكِّفون » بضم الياء فيهما وفتحة العين مشددة الراء والكاف مكسورتين .
قال القاضي أبو محمد : ورأيت للحسن البصري أنه احتج بقوله تعالى : { وتمت كلمة ربك } إلى آخر الآية ، على أنه لا ينبغي أن يخرج على ملوك السوء وإنما ينبغي أن يصبر عليهم ، فإن الله تعالى يدمرهم ، ورأيت لغيره أنه قال : إذا قابل الناس البلاء بمثله وكلهم الله إليه ، وإذا قابلوه بالصبر وانتظار الفرج أتى الله بالفرج ، وروي هذا القول أيضاً عن الحسن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.