الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَٰرِبَهَا ٱلَّتِي بَٰرَكۡنَا فِيهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِيٓ إِسۡرَـٰٓءِيلَ بِمَا صَبَرُواْۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ يَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُواْ يَعۡرِشُونَ} (137)

قوله تعالى { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها } .

أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن الحسن في قوله { مشارق الأرض ومغاربها } قال : هي أرض الشام .

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن قتادة في قوله { مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها } قال : هي أرض الشام .

وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن شوذب في قوله { مشارق الأرض ومغاربها } قال : فلسطين .

وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله { التي باركنا فيها } قال : قرى الشام .

وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : إن الله تعالى بارك في الشام من الفرات إلى العريش .

وأخرج ابن عساكر عن أبي الأغبش ، وكان قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم « أنه سئل عن البركة التي بورك في الشام أين مبلغ حده ؟ قال : أول حدوده عريش مصر ، والحد الآخر طرف التنية ، والحد الآخر الفرات ، والحد الآخر جعل فيه قبر هود النبي عليه السلام » .

وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال : إن ربك قال لإِبراهيم عليه السلام : أعمر من العريش إلى الفرات الأرض المباركة ، وكان أول من اختتن وقرى الضيف .

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : دمشق بناها غلام إبراهيم الخليل عليه السلام ، وكان حبشياً وهبه له نمرود بن كنعان حين خرج إبراهيم من النار ، وكان اسم الغلام دمشق فسماها على اسمه ، وكان إبراهيم جعله على كل شيء له ، وسكنها الروم بعد ذلك بزمان .

وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الملك الجزري قال : إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية ، وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية ، وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بين المقدس في رخاء وعافية ، وقال : الشام مباركة ، وفلسطين مقدسة ، وبيت المقدس قدس ألف مرة .

وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال : قلت لأبي سلام الأسود ما نقلك من حمص إلى دمشق ؟ قال : بلغني أن البركة تضعف بها ضعفين .

وأخرج ابن عساكر عن مكحول . أنه سأل رجلاً أين تسكن ؟ قال : الغوطة .

قال له مكحول : ما يمنعك أن تسكن دمشق ؟ فإن البركة فيها مضعفة .

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : مكتوب في التوراة أن الشام كنز الله عز وجل من أرضه بها كنز الله من عباده ، يعني بها قبور الأنبياء إبراهيم وإسحق ويعقوب .

وأخرج ابن عساكر عن ثابت بن معبد قال : قال الله تعالى : يا شام أنت خيرتي من بلدي أسكنك خيرتي من عبادي .

وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي والروياني في مسنده وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال : كنا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال « طوبى للشام . قيل له : ولم ؟ قال : أن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليهم » .

وأخرج البزار والطبراني بسند حسن عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً ، جنداً بالشام ومصر والعراق واليمن . قلنا : فَخِرْ لنا يا رسول الله . قال : عليكم بالشام فإن الله قد تكفل لي بالشام » .

وأخرج البزار والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً . فقال رجل : يا رسول الله خِرْ لي . فقال : عليك بالشام فإنها صفوة الله من بلاده فيها خيرة الله من عباده ، فمن رغب عن ذلك فليلحق بنجدة فإن الله تكفل لي بالشام وأهله » .

وأخرج أحمد وابن عساكر عن عبد الله بن حوالة الأزدي . أنه قال : يا رسول الله خرْ لي بلداً أكون فيه . فقال « عليك بالشام أن الله يقول : يا شام أنت صفوتي من بلادي أدخل فيك خيرتي من عبادي . ولفظ أحمد . فإنه خيرة الله من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده ، فإن أبيتم فعليكم بيمنكم فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله » .

وأخرج ابن عساكر عن وائلة بن الأسقع « سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول : عليكم بالشام فإنها صفوة بلاد الله يسكنها خيرته من عباده ، فمن أبى فليلحق بيمنه ويسق من غدره ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله » .

وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم عن عبد الله بن حوالة الأزدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « إنكم ستجندون أجناداً بالشام ، وجنداً بالعراق ، وجنداً باليمن . فقال الحوالي : خر لي يا رسول الله . قال : عليكم بالشام ، فمن أبى فليلحق بيمنه وليسق من غدره ، فإن الله تكفل لي بالشام وأهله » .

وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه مؤمن إلا لحق بالشام .

وأخرج ابن عساكر عن عون بن عبد الله بن عتبة قال : قرأت فيما أنزل الله على بعض الأنبياء : إن الله يقول : الشام كنانتي ، فإذا غضبت على قوم رميتهم منها بسهم .

أخرج ابن عساكر والطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى عليه وسلم « ستفتح على أمتي من بعدي الشام وشيكاً ، فإذا فتحها فاحتلها فأهل الشام مرابطون إلى منتهى الجزيرة ، فمن احتل ساحلاً من تلك السواحل فهو في جهاد ، ومن احتل بيت المقدس وما حوله فهو في رباط » .

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجة وابن عساكر عن قرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ، لا تزال طائفة من أمتي منصورين على الناس لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة » .

وأخرج ابن عساكر عن ضمرة بن ربيعة قال : سمعت أنه لم يبعث نبي إلا من الشام ، فإن لم يكن منها أسريَ به إليها .

وأخرج الحافظ وأبو بكر النجاد في جزء التراجم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « بينا أنا نائم رأيت عمود الإِسلام احتمل من تحت رأسي ، فظننت أنه مذهوب به ، فاتبعته بصري فعمد به إلى الشام ، ألا فإن الإِيمان حين تقع الفتن بالشام » .

وأخرج ابن مردويه عن ابن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « الشام أرض المحشر والمنشر » .

وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : ليهاجرن الرعد والبرق والبركان إلى الشام .

وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم بن عبد الرحمن قال : مد الفرات على عهد عبد الله ، فكره الناس ذلك فقال : يا أيها الناس لا تكرهوا مده فإنه يوشك أن يلتمس فيه طست من ماء فلا يوجد ، وذلك حيث يرجع كل ماء إلى عنصره ، فيكون الماء وبقية المؤمنين يومئذٍ بالشام .

وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : أحب البلاد إلى الله الشام ، وأحب الشام إليه القدس ، وأحب القدس إليه جبل نابلس ، ليأتين على الناس زمان يتماسحونه كالحبال بينهم .

وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « دخل إبليس العراق فقضى منها حاجته ، ثم دخل الشام فطردوه حتى بلغ بيسان ، ثم دخل مصر فباض فيها وفرخ وبسط عبقرية » .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : دخل الشيطان بالمشرق فقضى قضاءه ، ثم خرج يريد الأرض المقدسة الشام فمنع ، فخرج على ساق حتى جاء المغرب فباض بيضه وبسط بها عبقرية .

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : إني لأجد تردد الشام في الكتب ، حتى كأنه ليس الله حاجة إلا بالشام .

وأخرج أحمد وابن عساكر عن ابن عمر « أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا . قالوا : وفي نجدنا . وفي لفظ : وفي مشرقنا . قال : هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان . زاد ابن عساكر في رواية : وبها تسعة أعشار الشر » .

وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر وقال : قال رسول الله صلى عليه وسلم « الخير عشرة أعشار تسعة بالشام وواحد في سائر البلدان ، والشر عشرة أعشار واحد بالشام وتسعة في سائر البلدان ، وإذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم » .

وأخرج الطبراني وابن عساكر عن عبد الله بن مسعود قال : قسم الله الخير فجعله عشرة أعشار ، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين ، وقسم الشر فجعله عشرة أعشار ، فجعل تسعة أعشاره بالشام وبقيته في سائر الأرضين .

وأخرج ابن عساكر عن كعب الأحبار قال : نجد هذه الأرض في كتاب الله تعالى على صفة النسر فالرأس الشام ، والجناحان المشرق والمغرب ، والذنب اليمن ، فلا يزال الناس بخير ما بقي الرأس ، فإذا نزع الرأس هلك الناس ، والذي نفسي بيده ليأتين على الناس زمان لا تبقى جزيرة من جزائر العرب إلا وفيهم مقنب خيل من الشام يقاتلونهم على الإِسلام لولاهم لكفروا .

وأخرج ابن عساكر عن إياس بن معاوية قال : مثلت الدنيا على طائر فمصر والبصرة والجناحان ، والجزيرة الجؤجؤ ، والشام الرأس ، واليمن الذنب .

وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : رأس الأرض الشام .

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : إني لأجد في كتاب الله المنزل : إن خراب الأرض قبل الشام بأربعين عاماً .

وأخرج ابن عساكر عن بحير بن سعد قال : تقيم الشام بعد خراب الأرض أربعين عاماً .

وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « ستخرج نار من حضرموت قبل يوم القيامة تحشر الناس . قلنا يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام » .

وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : يوشك أن تخرج نار من اليمن تسوق الناس إلى الشام ، تغدوا معهم إذا غدوا ، وتقيل معهم إذا قالوا ، وتروح معهم إذا راحوا ، فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام .

وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إني رأيت عمود الكتاب انتزع من تحت وسادتي ، فاتبعته بصري فإذا هو نور ساطع فعمد به إلى الشام ، ألا وان الإِيمان إذا وقعت الفتن بالشام » .

وأخرج أبو الشيخ عن الليث بن سعد في قوله { وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها } قال : هي مصر ، وهي مباركة في كتاب الله .

وأخرج ابن عبد الحكم في تاريخ مصر ومحمد بن الربيع الجيزي في مسند الصحابة الذين دخلوا مصر عن عبد الله بن عمرو قال : مصر أطيب أرض الله تراباً وأبعده خراباً ، ولن يزال فيها بركة ما دام في شيء من الأرضين بركة .

وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو قال : من أراد أن يذكر الفردوس أو ينظر إلى مثلها في الدنيا فلينظر إلى أرض مصر حين تخضر زروعها وتنور ثمارها .

وأخرج ابن عبد الحكم عن كعب الأحبار قال : من أراد أن ينظر شبه الجنة فلينظر إلى أرض مصر إذا أزهرت .

وأخرج ابن عبد الحكم عن ابن لهيعة قال : كان عمرو بن العاصي يقول : ولاية مصر جامعة لعدل الخلافة .

وأخرج ابن عبد الحكم عن عبد الله بن عمرو بن العاصي . . . . قال : خلقت الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه وصدره وجناحيه وذنبه ، فالرأس مكة والمدينة واليمن ، والصدر الشام ومصر ، والجناح الأيمن العراق ، والجناح الأيسر السند والهند ، والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس ، وشر ما في الطير الذنب .

وأخرج أبو نعيم في الحلية عن نوف قال : إن الدنيا مثلت على طير فإذا انقطع جناحاه وقع ، وإن جناحي الأرض مصر والبصرة ، فإذا خربا ذهبت الدنيا .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { وتمت كلمة ربك الحسنى } قال : ظهور قوم موسى على فرعون وتمكين الله لهم في الأرض وما ورثهم منها .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب عن موسى بن علي عن أبيه قال : كانت بنو إسرائيل بالربع من آل فرعون ووليهم فرعون أربعمائة وأربعين سنة ، فاضعف الله ذلك لبني إسرائيل فولاهم ثمانمائة عام وثمانين عاماً . قال : وإن كان الرجل ليعمر ألف سنة في القرون الأولى ، وما يحتلم حتى يبلغ عشرين ومائة سنة .

وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن قال : لو أن الناس إذ ابتلوا من سلطانهم بشيء صبروا ودعوا الله لم يلبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم ، ولكنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه ، والله ما جاؤوا بيوم خير قط ، ثم تلا هذه الآية { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا } .

وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الحسن في الآية قال : ما أوتيت بنو إسرائيل ما أوتيت إلا بصبرهم ، وما فزعت هذه الأمة إلى السيف قط فجاءت بخير .

وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إذا جاء أمر لا كفاء لك به فاصبر وانتظر الفرج من الله .

وأخرج أحمد عن بيان بن حكيم قال : جاء رجل إلى أبي الدرداء فشكا إليه جاراً له قال : اصبر فإن الله سيجيرك منه ، فما لبث أن أتى معاوية فحباه وأعطاه ، فأتى أبا الدرداء فذكر ذلك له قال : إن ذلك لك منه جزاء .

وأخرج أبو الشيخ عن قتادة { ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه } قال : إن الله تعالى لا يملي للكافر إلا قليلاً حتى يوبقه بعمله .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله { وما كانوا يعرشون } قال : يبنون .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { وما كانوا يعرشون } قال : يبنون البيوت والمساكن ما بلغت ، وكان عنبهم غير معروش . والله أعلم .